المؤتمر العام
كل الأمم والقبائل والألسنة
المؤتمر العام لشهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020


14:47

كل الأمم والقبائل والألسنة

يمكننا أن نصبح بطريقتنا الخاصة، جزءا من تحقيق نبوءات الرب ووعوده — جزءا من مباركة الإنجيل للعالم.

إخوتي وأخواتي الأعزاء، لقد قمت مؤخرًا بتأدية مراسم الختم في الهيكل، باتباع الإرشادات الخاصة بفيروس الكورونا المستجد. حضر مع العروس والعريس ، وكان كلاهما مبشرين مُخلِصين عائدين، والديهما وجميع أشقائهم. لم يكن هذا سهلا. العروس هي التاسعة من بين عشرة أبنا. جلس أشقاؤها التسعة بالترتيب، من الأكبر إلى الأصغر، متباعدون اجتماعيًا بالطبع.

سعى أفراد الأسرة إلى أن يكونوا جيرانًا طيبين أينما كانوا. ومع ذلك، فإن إحدى المجتمعات التي عاشوا فيها لم يرحب سكانها بهم — وقالت والدة العروس أن سبب ذلك كان أن عائلتها تنتمي إلى كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة .

فعلت الأسرة كل شيء لتكوين صداقات في المدرسة، والمساهمة في المجتمع لتكون مقبولة فيه، ولكن دون جدوى. صَلَّت الأسرة باستمرار كي ترق قلوب جيرانهم.

ذات ليلة، شعرت الأسرة أن صلواتهم قد استُجيب لها، وإن كان ذلك بطريقة غير متوقعة. اشتعلت النيران في منزلهم واحترق حتى لم يبق منه شيء. لكن حدث شيء آخر. رققت النيران قلوب جيرانهم.

جمع جيرانهم والمدرسة المحلية الملابس والأحذية والضروريات الأخرى التي تحتاجها هذه الأسرة التي فقدت كل شيء. أتاح اللطف مجالا للتفاهم. لم تكن هذه هي الطريقة التي كانت العائلة تأمل أو تتوقع أن تستجاب صلواتهم بها. ومع ذلك، فقد عبروا عن امتنانهم لما تعلّموه من خلال التجارب الصعبة والإجابات غير المتوقعة للصلوات القلبية.

حقا، بالنسبة لمن يملكون قلوبا مؤمنة وعيون مفتوحة، فإن مراحم الرب الرقيقة واضحة في خضم تحديات الحياة. إن التحديات والتضحيات التي يتم التصدي لها بإيمان تجلب البركات من السماء. في هذه الحياة الفانية، قد نخسر أو ننتظر بعض الأشياء لبعض الوقت، لكننا في النهاية سنجد ما هو الأكثر أهمية.١ هذا هو وعده لنا.٢

يبدأ إعلان الذكرى المئوية الثانية لعام ٢٠٢٠ بوعد شامل وبليغ بأن ”الله يحب أولاده وبناته و في كل دولة من دول العالم“.٣ إلى كل واحد منا في كل أمة وقبيلة ولسان وشعب،٤وعد وعهد ودعوة من الله للمشاركة في بهجته وصلاحه الوفيرين.

إن محبة الله لجميع البشر مؤكدة في النصوص المقدسة.٥ إن ذلك الحب يشمل العهود الإبراهيمية ، جمع أولاده وبناته المشتتين،٦ وهذه كلها تشكل العناصر الأساسية لخطته لتحقيق السعادة في حياتنا.

في بيت الإيمان يجب ألا يكون هناك غرباء ولا أجانب،٧لا غني ولا فقير،٨ لا يوجد من نستثنيهم على أنهم ”آخَرون“. بصفتنا ”رعية مع القديسين“،٩ فإننا مدعوون لتغيير العالم للأفضل، من الداخل إلى الخارج ، شخصا شخصا وأسرة أسره وحيًّا حيًّا.

يحدث هذا عندما نعيش ونشارك الإنجيل. في وقت مبكر من هذه الحقبة النبوية، تلقى النبي جوزف نبوءة رائعة مفادها أن الآب السماوي يرغب في أن يكتشف الجميع في كل مكان محبة الله وأن يشعروا بقدرته على تنميتهم وتغييرهم.

منزل آل سميث

جرى تلقي تلك النبوءة هنا، في منزل عائلة سميث الخشبي في مدينة بالمايرا بولاية نيويورك.١٠

منزل الشيخ والأخت غونغ

انتهت أعمال إعادة بناء منزل آل سميث في عام ١٩٩٨، وقد أعيد بناؤه على أساسه الأصلي. غرفة نوم الطابق الثاني تشغل نفس المساحة (١٨-٣٠-١٠ قدم) التي كانت تشغلها الغرفة حين جاء إليها موروني كمرسال ممجد من الله إلى الصبي جوزف في مساء ٢١ أيلول\سبتمبر ١٨٢٣.١١

تتذكرون ما رواه النبي جوزف:

”دعاني الشخص [موروني] باسمي وأنبأني بأنه رسول أُرسِل إلي من حضرة الله وأن اسمه موروني؛ وبأن الله له قد أعد لي مهمة يجب إنجازها؛ وأن أسمي سيُتداول بالخير والشر بين جميع الامم، والأقوام والالسن. …

”ثم قال إن هناك كتاب مودع … يحتوى على ملء الانجيل الأبدي“.١٢

هنا نتوقف. نحن نعبد الله الآب الأبدي وابنه يسوع المسيح ، وليس النبي جوزف ولا أي بشر رجلا كان أو امرأة.

مع ذلك ، تأملوا كيف تتم النبوات التي يعطيها الله لخدامه.١٣ يتحقق بعضها في وقت مبكر، والبعض الآخر في وقت لاحق، ولكن أُوفِي بها جميعا.١٤ عندما نصغي إلى روح النبوءة من الرب يصير بإمكاننا، وبطريقتنا الخاصة، أن نصبح جزءا من تحقيق نبوءاته ووعوده — جزءا من مباركة الإنجيل للعالم.

في عام ١٨٢٣ كان جوزف صبيًا مجهولًا يبلغ من العمر ١٧ عامًا يعيش في قرية غير معروفة في بلد حديث الاستقلال. لو لم يكن محقا في دعواه، كيف كان يتصور أن يقول بأنه سيكون أداة في عمل الله وأنه سيترجم بهبة الله وقوته نصا مقدسا سيصبح معروفا في كل مكان؟

لكن، ولأن ما قاله كان الحق، فإن بإمكاني وبإمكانكم أن نشهد بأن النبوءة تتحقق من خلال قيامنا بتحقيقها.

أيها الإخوة والأخوات، في جميع أنحاء العالم، كل واحد منا ممن يشاركون في المؤتمر العام في أكتوبر/تشرين أول ٢٠٢٠ ينتمي إلى الأمم والقبائل والألسنة والشعوب التي تحدثت عنها النبوءة.

اليوم، يعيش أعضاء كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة في ١٩٦ دولة ومنطقة يوجد بها ٣٤٤٦ وتدا للكنيسة في ٩٠ من هذه الدول.١٥ إننا منتشرون في أماكن كثيرة وأقوياء عددا وعُدّة.

في عام ١٨٢٣ ، من كان يتخيل أنه في عام ٢٠٢٠ سيكون هناك ثلاث دول تضم كل منها أكثر من مليون عضو في هذه الكنيسة —الولايات المتحدة والمكسيك والبرازيل؟

أم ٢٣ دولة، لكل منها أكثر من مائة ألف عضو في الكنيسة - ثلاث في أمريكا الشمالية، و ١٤ في أمريكا الوسطى والجنوبية، ودولة واحدة في أوروبا، و أربع في آسيا، وواحدة في إفريقيا؟١٦

يصف الرئيس رسل م. نلسن كتاب مورمون بأنه ”معجزة المعجزات“.١٧ يشهد شهود كتاب مورمون بأنه ”لجميع الأمم والقبائل والألسنة والشعوب“.١٨ اليوم، المؤتمر العام متاح في مائة لغة. لقد شهد الرئيس نلسن ليسوع المسيح وإنجيل المسيح المستعاد في 138 دولة، والمزيد قادم.

ابتدأ نشر كتاب مورمون بخمس آلاف نسخة في الطبعة الأولى في عام ١٨٣٠، ومنذئذ طُبعت ١٩٢ مليون نسخة من الكتاب بأكمله أو جزء منه في ١١٢ لغة. كما تتوفر ترجمات كتاب مورمون رقميًا على نطاق واسع. تشمل الترجمات الحالية لكتاب مورمون معظم اللغات العالمية البالغ عددها ٢٣ لغة التي يبلغ عدد ناطقي كل منها ٥٠ مليون شخص أو أكثر، وهذه اللغات مجتمعة تشكل اللغات الأصلية لحوالي ٤,١ مليار شخص.١٩

بوسائل صغيرة وبسيطة — وكل منا مدعو للمشاركة فيها- يتم تحقيق أشياء عظيمة.

مثلا، في مؤتمر وتد في مدينة مونرو بولاية يوتا، البالغ عدد سكانها ٢٢٠٠ نسمة، سألت عن عدد الذين خدموا في بعثات تبشيرية . ارتفعت كل يد تقريبًا. في السنوات الأخيرة، من هذه الوتد وحده، قام ٥٦٤ مبشرًا بالخدمة في الولايات الأمريكية الخمسين و ٥٣ دولة — في كل قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية.

وعلى ذكر القطب الجنوبي، فحتى في أوشوايا في الطرف الجنوبي من الأرجنتين، فإنني رأيت النبوءة تتحقق حيث أن مبشرينا شاركوا إنجيل يسوع المسيح المستعاد في مكان يسمى ”ناية الأرض“.٢٠

جدارية شكلتها أغلفة مجلدات كتاب القديسين

أغلفة الأجزاء الأربعة من كتاب القديسون٢١ (تاريخ الكنيسة) تشبه لوحة جدارية خيوطها هي ثمار الحياة حسب الإنجيل التي يقطفها القديسون المؤمنون في جميع أنحاء العالم. إن تاريخ كنيستنا ذا جذور عميقة مغروسة في الشهادة الحية لكل فرد ومسار رحلة كل منهم على درب الإنجيل، بما في ذلك الأخت المؤمنة ماري ويتمر التي سمح لها موروني أن ترى صفائح كتاب مورمون.٢٢

شعار الكنيسة الجديد

تصدر في كانون الثاني (يناير) ٢٠٢١، مجلاتنا الكنسية العالمية الثلاث الجديدة - الصديق و من أجل قوة الشبيبة و اللياحونا — داعية الجميع للانتماء وتبادل الخبرات والشهادات في مجتمعنا الإيماني العالمي.٢٣

أيها الإخوة والأخوات، من خلال زيادتنا إيمانَنا بالآب السماوي ويسوع المسيح، وتلقى بركاته الكامنة في المعيشة حسب حقائق الإنجيل المستعاد والعهود المقدسة والدراسة والتأمل ومشاركة شهاداتنا عن الاستعادة المستمرة للإنجيل فإننا نشارك في تحقيق النبوءة.

إننا نغير أنفسنا والعالم حسب نمط إنجيلي يبارك الحيوات في كل مكان.

تقول أخت أفريقية: —خدمة زوجي الكهنوتية تجعله أكثر صبراً ولطفاً. وأنا أصبح كل يوم زوجة وأما أفضل“.

أحد مستشاري الأعمال التجارية الدولية في أمريكا الوسطى، وهو شخص يحظى بتقدير كبير الآن، يقول أنه قبل اكتشافه إنجيل الله المستعاد، كان يعيش مشردا بلا هدف . الآن هو وأسرته وجدوا هوية وهدفا وقوة.

صبي صغير في أمريكا الجنوبية يربي الدجاج ويبيع بيضه للمساعدة في شراء نوافذ للمنزل الذي تبنيه عائلته. لكنه يدفع عشوره أولا. سيرى حرفيا نوافذ السماء تفتح له.

في منطقة الزوايا الأربع، تقوم عائلة أمريكية من السكان الأصليين بزرع شجيرة ورد جميلة لتزهر في الصحراء، وهي رمز للإيمان بالإنجيل والاعتماد على الذات.

أحد الناجين من حرب أهلية مريرة، أخ في جنوب شرق آسيا يئس لأنه لم ير معنى في الحياة. وجد الرجاء في حلم حلمه بأن زميل دراسة سابق كان يحمل صينية تقديم القربان ويشهد لمراسيم الخلاص ولكفارة يسوع المسيح.

يدعونا الآب السماوي في كل مكان لنشعر بمحبته وللتعلم والنمو من خلال التعليم والعمل الشريف والخدمة المعتمدة على الذات وأنماط الخير والسعادة التي نجدها في كنيسته المستعادة.

عندما نثق بالله، أحيانًا من خلال التوسل إليه في أحلك لحظاتنا وأكثرها وحدة وغموضًا، فإننا نتعلم أنه يعرفنا بشكل أفضل ويحبنا أكثر مما نعرفه أو نحب أنفسنا.

هذا هو سبب احتياجنا إلى المساعدة من الله لتحقيق العدالة والمساواة والإنصاف والسلام بشكل دائم في بيوتنا ومجتمعاتنا. نحصل على أصدق وأعمق المشاعر وأكثرها أصالة والمكانة والانتماء عندما نشعر بمحبة لله الفادية ونسعى للحصول على النعمة والمعجزات من خلال كفارة ابنه وإقامة علاقات دائمة من خلال قطع العهود المقدسة.

إن الخير والحكمة الدينية ضروريان في عالم اليوم الفوضوي والصاخب والملوث. وإلا فكيف يمكننا تجديد وإلهام وبنيان الروح البشرية؟٢٤

زرع الأشجار في هاييتي
زرع الأشجار في هايتي
زرع الأشجار في هايتي

إن زراعة الأشجار في هايتي هي واحدة فقط من بين مئات الأمثلة لأشخاص اجتمعوا معًا لفعل الخير. تجمع أفراد من المجتمع المحلي، بما في ذلك ١٨٠٠ عضو من كنيستنا، وقد تبرعنا بالأشجار، لزراعة ما يقرب من ٢٥ ألف شجرة.٢٥ لقد قام مشروع إعادة التحريج الذي يمتد لعدة سنوات بغرس أكثر من ١٢١ ألف شجرة. ونتوقع زراعة عشرات الآلاف من الأشجار الأخرى.

يوفر هذا الجهد الموحد الظل ويحافظ على التربة ويخفض حدة الفيضانات في المستقبل. يُجَمّل الأحياء ويبني المجتمع ويرضي الذوق ويغذي الروح. إذا سألت الهايتيين عمن سيحصدون الفاكهة من هذه الأشجار، فإنهم يقولون، ”كل شخص جائع“.

ثمانون في المائة من سكان العالم ينتمون إلى ديانات.٢٦ المجتمعات الدينية تستجيب بسهولة للاحتياجات الفورية بعد الكوارث الطبيعية وكذلك للاحتياجات المزمنة كالاحتياجات إلى الغذاء والمأوى والتعليم ومحو الأمية والتدريب على العمل. في جميع أنحاء العالم ، يساعد أعضاؤنا وأصدقاؤنا والكنيسة المجتمعات في دعم اللاجئين وتوفير المياه والصرف الصحي ومساعدة المعاقين حركيا وتطبيب العيون — شخصا شخصا وقرية قرية وشجرة شجرة.٢٧ في كل مكان، نسعى لأن نكون آباء صالحين ومواطنين صالحين، للمساهمة في أحيائنا ومجتمعاتنا، بما في ذلك من خلال الجمعيات الخيرية لقديسي الأيام الأخيرة .٢٨

يمنحنا الله الوكالة الأخلاقية — والمساءلة الأخلاقية. أعلن الرب، ”أنا الرب الإله أجعلكم أحرارًا، وعلى ذلك فأنتم بالحقيقة أحرار“.٢٩ بإعلان ”الحرية للمأسورين“٣٠، فإن الرب يعد بأن كفارته ودروب إنجيله يمكنها كسر الأغلال المادية والروحية.٣١ ولحسن الحظ، تشمل هذه الحرية الفردية من فارقوا هذه الحياة.

قبل بضع سنوات، أخبرني كاهن في أميركا الوسطى أنه كُلِّف بدراسة ”ممارسة المورمون لتعميد الأموات“. قال الكاهن: ”يبدو أنه من العدل أن يمنح الله كل فرد فرصة لتلقي المعمودية، بغض النظر عن الزمان والمكان الذي يعيشون فيه، باستثناء الأطفال الصغار الذين هم ’أحياء في المسيح‘.٣٢ وأشار الكاهن إلى أن الرسول بولس ”يتحدث عن انتظار الأموات المعمودية والقيامة”.٣٣ وعد مراسيم الهيكل النيابية إلى ”كل الأمم والقبائل والألسنة” هو أنه لن يكون لأحد حاجة بأن ”يظلوا عبيدا للموت أو الجحيم أو القبر”.٣٤

عند اكتشافنا لله، أحيانًا ما تنتشلنا إجابات غير متوقعة للصلاة من الشارع وتنقلنا إلى المجتمع طاردة الظلمة من نفوسنا وموجهة إيانا لإيجاد ملجأ روحي والانتماء إلى عهوده الخيرة وحبه الدائم.

الأشياء العظيمة غالبًا ما تبدأ صغيرة، لكن معجزات الله تظهر يوميًا. ٣٤ كم نحن ممتنون لهبة الروح القدس العظيمة وكفارة يسوع المسيح والعقائد المُوحى بها والمراسيم والعهود الموجودة في كنيسته المستعادة التي تحمل اسمه.

أتمنى أن نقبل ببهجة دعوة الله لقبول وعوده والمساعدة في تحقيق البركات التي وعد بها في كل الأمم والقبائل والألسنة، لأجل هذا أصلي باسم يسوع المسيح المقدس، آمين.