المؤتمر العام
البَسي عِزَّكِ يا صِهيَونُ!
المؤتمر العام لشهر تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠٢٢


13:57

البَسي عِزَّكِ يا صِهيَونُ!

يجب على كل واحد منا أن يقيم أولوياته الزمنية والروحية بصدق وصلاة.

الأمثال هي سمة مميزة لمنهج الرب يسوع المسيح البارع في التعليم. ببساطة ، تُعرّف أمثال المخلص على أنها قصص تُستخدم لمقارنة الحقائق الروحية بالأشياء المادية والتجارب البشرية. مثلا، أناجيل العهد الجديد زاخرة بالتعاليم التي تُشَبِّه ملكوت السماء بحبة الخردل،١ وبلؤلؤة نفيسة،٢ وبرب منزل وعمال يعملون في كرمه،٣ وبعشر عذارى،٤ وكثير من الأمثال الأخرى. خلال جزء من خدمة الرب في منطقة الجليل، تشير النصوص المقدسة إلى أنه ”بِغَيْرِ مَثَلٍ لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ“.٥

عادة لا يتم التعبير بشكل صريح عن المعنى المقصود أو رسالة المثل. بدلاً من ذلك، تنقل القصة الحقيقة الإلهية إلى المتلقي فقط بما يتناسب مع إيمانه بالله، واستعداده الروحي الشخصي، وقابليته للتعلم. وبالتالي، يجب على الفرد أن يمارس إرادته الأخلاقية وأن ”يسأل، ويطلب، ويقرع“٦ لاكتشاف الحقائق المُضَمَّنَة في المثل.

أصلي لله بحرارة أن ينير الروح القدس كل واحد منا ونحن ننظر الآن في أهمية مثل وليمة الملك.

وليمة الملك

”وَعَادَ يَسُوعُ يَتَكَلَّمُ بِالأَمْثَالِ، فَقَالَ:

”يُشَبَّهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ بِإِنْسَانٍ مَلِكٍ أَقَامَ وَلِيمَةً فِي عُرْسِ ابْنِهِ،

”وَأَرْسَلَ عَبِيدَهُ يَسْتَدْعِي الْمَدْعُوِّينَ إِلَى الْعُرْسِ، فَلَمْ يَرْغَبُوا فِي الْحُضُورِ.

”فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ ثَانِيَةً عَبِيداً آخَرِينَ قَائِلاً لَهُمْ: قُولُوا لِلْمَدْعُوِّينَ: هَا أَنَا قَدْ أَعْدَدْتُ وَلِيمَتِي؛ ثِيرَانِي وَعُجُولِي الْمُسَمَّنَةُ قَدْ ذُبِحَتْ وَكُلُّ شَيْءٍ جَاهِزٌ، فَتَعَالَوْا إِلَى الْعُرْسِ!

”وَلكِنَّ الْمَدْعُوِّينَ تَهَاوَنُوا، فَذَهَبَ وَاحِدٌ إِلَى حَقْلِهِ، وَآخَرُ إِلَى مَتْجَرِهِ؛“٧

في العصور القديمة، كانت إحدى أكثر المناسبات سعادة في الحياة اليهودية هي الاحتفال بالزفاف — وهو حدث يمتد لأسبوع أو حتى أسبوعين. تطلب مثل هذا الحدث تخطيطًا مكثفًا، وكان يتم إبلاغ الضيوف مسبقًا، مع إرسال تذكير في يوم افتتاح الاحتفالات. كانت دعوة ملك إلى رعاياه لحضور حفل زفاف مثل هذا تعتبر في الأساس أمرًا عليهم طاعته. ومع ذلك، فإن العديد من المدعوين في هذا المثل لم يحضروا.٨

”كان رفض حضور وليمة الملك عملاً متعمدًا من التمرد ضد السلطة الملكية وإهانة شخصية ضد الملك الحاكم وابنه. … انصراف رجل إلى مزرعته و آخر إلى [ مصالحه التجارية]“٩ يعكس سوء تقدير أولوياتهم وتجاهلهم التام لإرادة الملك.١٠

يتابع المثل:

ثُمَّ قَالَ لِعَبِيدِهِ: إِنَّ وَلِيمَةَ الْعُرْسِ جَاهِزَةٌ، وَلكِنَّ الْمَدْعُوِّينَ لَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ.

”فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ، وَكُلُّ مَنْ تَجِدُونَهُ ادْعُوهُ إِلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ!

”فَخَرَجَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ، وَجَمَعُوا كُلَّ مَنْ وَجَدُوا، أَشْرَاراً وَصَالِحِينَ، حَتَّى امْتَلأَتْ قَاعَةُ الْعُرْسِ بِالضُّيُوفِ“.١١

كانت العادة في تلك الأيام أن يقوم مضيف وليمة العرس — في هذا المثل، الملك — بتوفير الملابس لضيوف حفل الزفاف. كانت ملابس الزفاف هذه عبارة عن أردية بسيطة غير مميزة يرتديها جميع الحاضرين. بهذه الشكل لم يتميز أحد عن غيره في الرتبة والمقام، ويمكن لجميع الذين في الحفل الاختلاط على قدم المساواة.۱۲

لم يكن لدى الأشخاص الذين جرت دعوتهم من الطرق لحضور حفل الزفاف الوقت أو الوسائل لشراء الملابس المناسبة استعدادًا للحدث. وبالتالي، فمن المحتمل أن الملك أعطى الضيوف الملابس من خزانة ملابسه الخاصة. أتيحت الفرصة لجميع الحضور لارتداء الملابس الملكية.١٣

عندما دخل الملك قاعة الزفاف، استطلع الجمهور ولاحظ على الفور أن أحد الضيوف البارزين لم يكن يرتدي ثوب الزفاف. تقدم الرجل، وسأله الملك: ”يَا صَاحِبِي، كَيْفَ دَخَلْتَ إِلَى هُنَا وَأَنْتَ لَا تَلْبَسُ ثَوْبَ الْعُرْسِ؟ فَظَلَّ صَامِتاً“.١٤ في الأساس، سأله الملك: ”لماذا لا ترتدي ثوب الزفاف، رغم أنك وُهِبت واحدا؟“١٥

من الواضح أن الرجل لم يكن يرتدي الزي المناسب لهذا الحدث الخاص، وعبارة ”وظل صامتاً“ تشير إلى أن الرجل كان بلا عذر.١٦

يقدم الشيخ الراحل جيمس إ. تالمج التعليق الإرشادي التالي حول أهمية تصرفات الرجل: ”من الواضح من السياق أن الضيف الذي لم يكن مرتديا الملابس كان مذنبًا بالإهمال أو عدم الاحترام المتعمد أو بعض الإساءات الجسيمة الأخرى. استفسر الملك في البداية بلباقة وكياسة عن كيفية دخول الرجل إلى الحفل بدون زي الاحتفال. لو كان الرجل قادرًا على شرح مظهره الاستثنائي، أو لو كان لديه أي عذر معقول ليقدمه، لكان قد تحدث بالتأكيد؛ ولكن النص يقول لنا إنه ظل عاجزًا عن الكلام. لقد كان الملك سخيا إلى حد أنه طلب من خدمه دعوة كل من لاقوه؛ ولكن كان على كل واحد من هؤلاء المدعوين أن يدخل القصر الملكي من المدخل الرئيس. وقبل الوصول إلى غرفة المأدبة، حيث سيظهر هناك الملك بنفسه، يجب أن يكون كل من المدعوين مرتديا الزي المناسب؛ ولكن الشخص الذي لم يكن مرتديا ثوب الاحتفال دخل إلى الحفل بطريقة أخرى. ولم يمر عبر الحراس عند البوابة، لقد كان دخيلًا“.١٧

لاحظ المؤلف المسيحي، جون أ. ريد، أن رفض الرجل ارتداء ثوب الاحتفال يمثل عدم احترام صارخ لكل من الملك وابنه. لم يكن يفتقر ببساطة إلى ثوب الاحتفال. بل اختار ألا يلبسه. رفض بشكل متمرد ارتداء الملابس الخاصة بهذه المناسبة. كان رد فعل الملك سريعًا وحاسمًا: ”قَيِّدُوا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ، وَاطْرَحُوهُ فِي الظَّلامِ الْخَارِجِيِّ، هُنَالِكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ!“١٨

لم يستند حكم الملك على الرجل أساسًا إلى افتقاره للباس الحفل — ولكن الرجل ”كان في الواقع مصممًا على عدم لبسه. رغب الرجل في أن يحظى بشرف حضور وليمة العرس لكنه لم يرغب في اتباع عادة الملك. أراد أن يفعل الأشياء بطريقته الخاصة. كشف افتقاره للزي المناسب عن تمرده الداخلي على الملك وتعليماته“.١٩

المدعوون كثيرون، ولكن المختارين قليلون

ثم يختتم المثل بالكلمات الحادة التالية، ”لأَنَّ الْمَدْعُوِّينَ كَثِيرُونَ، وَلكِنَّ الْمُخْتَارِينَ قَلِيلُونَ!“٢٠

من المثير للأمر أن جوزيف سميث في ترجمته الملهمة للكتاب المقدس أدخل التعديل التالي على هذه الآية من إنجيل متى: ”لأن المدعوين كثيرون ولكن المختارين قليلون؛ لذلك لا يرتدي الجميع لباس حفل الزفاف“.٢١

إن الدعوة إلى وليمة الزفاف و اختيار المشاركة في الوليمة هما أمران مرتبطان لكنهما مختلفان. إن الدعوة موجهة لجميع الرجال والنساء. قد يقبل الفرد الدعوة ويجلس على المائدة — ولكن لا يتم اختياره للمشاركة لأنه لا يرتدي اللباس الاحتفالي المناسب المتمثل في الاهتداء إلى الإيمان بالرب يسوع ونعمته الإلهية. وهكذا، يكون لدينا كلا من دعوة من الله واستجابتنا الشخصية لتلك الدعوة، وقد يتم دعوة الكثيرين ولكن القليلين يُختارون.٢٢

أن نكون مختارين أو أن يتم اختيارنا لا يُعد وضعًا حصريًا ممنوحًا لنا. بدلاً من ذلك، يمكننا في النهاية أن نختار أن نكون من المختارين من خلال الممارسة الصالحة لإرادتنا الأخلاقية.

يرجى ملاحظة استخدام كلمة يُنتَخبون في الآيات المألوفة التالية من كتاب المبادئ والعهود:

”انظروا، هوذا الكثيرون يدعون ولكن القليل يُنتَخبون. ولماذا لم يُختاروا؟

لأن قلوبهم مركزة جدا على أمور هذا العالم، وتطمح إلى أمجاد البشر“.٢٣

أعتقد أن دلالات هذه الآيات واضحة تمامًا. إن الله ليس لديه قائمة بشخصياته المفضلة التي يجب أن نتمنى أن تتم إضافة أسمائنا إليها يومًا ما. إنه لا يقصر ”المختارين“ على فئة قليلة. بدلاً من ذلك، قلوبنا، ورغباتنا، وتكريمنا لعهود ومراسيم الإنجيل المقدس، وطاعتنا للوصايا، والأهم من ذلك، نعمة المخلص الفادية هي ما يحدد ما إذا كنا محسوبين كأحد مختاري الله.٢٤

”فَنَحْنُ نَعْمَلُ بِاجْتِهادٍ لِنَكْتُبَ، لِإِقْناعِ أَبْنائِنا وَإِخْوَتِنا أَيْضًا بِأَنْ يُؤْمِنوا بِالْمَسيحِ، وَأَنْ يَتْصَالَحوا مَعَ اللّٰهِ؛ لِأَنَّنا نَعْلَمُ أَنَّهُ بِالنِّعْمَةِ نَخْلُصُ بَعْدَ كُلِّ ما يُمْكِنُنا عَمَلُهُ“.٢٥

خلال مشاغل حياتنا اليومية وفي ضجة العالم المعاصر الذي نعيش فيه، قد يُصرف انتباهنا عن الأشياء الأبدية الأكثر أهمية من خلال جعل المتعة والازدهار والشعبية والشهرة هي أولوياتنا الأساسية. إن انشغالنا على المدى القصير بـ”أمور العالم“ و ”أمجاد البشر“ قد يقودنا إلى التنازل عن امتيازات بكوريتنا الروحية مقابل ما هو أقل بكثير من وعاء من الطبيخ الأحمر.٢٦

الوعد والشهادة

أكرر تحذير الرب لشعبه من خلال نبي العهد القديم حجي: ”وَالآنَ هَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ الْقَدِيرُ: ”تَأَمَّلُوا فِيمَا فَعَلْتُمْ“.٢٧

يجب على كل واحد منا أن يقيم أولوياته الزمنية والروحية بصدق وصلاة لتحديد الأشياء في حياتنا التي قد تعيق البركات الغزيرة التي يرغب الآب السماوي والمخلص في منحنا إياها. سيساعدنا الروح القدس على رؤية أنفسنا على حقيقتها.٢٨

عندما نسعى بشكل سليم للحصول على الموهبة الروحية لنرى ونسمع بعمق٢٩ فإنني أعدكم بأننا سنُبارك بالقدرة والحكمة لتقوية علاقة العهد مع الرب الحي. وسننال أيضًا قوة التقوى في حياتنا٣٠ — وفي نهاية المطاف فإننا سنُدعى ونُختار لمأدبة الرب.

”اسْتَيْقِظيِ، اسْتَيْقِظِي تَسَرْبَلِي بِقُوَّتِكِ يَا صِهْيَوْنُ.“٣١

”لأن صهيون يجب أن تزداد جمالاً وقداسةً؛ وحدودها يجب أن تَمْتَدّ؛ وأوتادها تتقوى؛ نعم، الحق أقول لكم: يجب أن تنهض صهيون وتتسربل بملابسها الجميلة“.٣٢

أنا أُعلن ببهجة شهادتي للحقيقة الإلهية والحية بوجود الله الأب الأبدي وبابنه الحبيب، يسوع المسيح. أشهد أن يسوع المسيح هو مخلصنا وفادينا وهو حي. وأشهد أيضًا أن الآب والابن ظهرا للصبي جوزيف سميث، وبذلك ابتدأت استعادة إنجيل المخلص في الأيام الأخيرة. أرجو أن يبحث كل منا عن أعين لترى وآذان لتسمع، أصلي لأجل ذلك باسم الرب يسوع المسيح المقدس، آمين.