١ أَمّا الَّذينَ دَعاهُمْ وَأَعْطاهُمُ الْقُوَّةَ وَالسُّلْطَةَ لِلتَّعْميدِ، فَكانَ عَدَدُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ أَنْ كَلَّمَ يَسوعُ نافي وَمَنْ دَعاهُمْ مَعَهُ بِهٰذِهِ الْكَلِماتِ، مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ الْجُموعِ وَنادى بِصَوتٍ عالٍ قائِلًا: طوبى لَكُمْ إِنْ أَصْغَيْتُمْ لِكَلِماتِ هٰؤُلاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذينَ اخْتَرْتُهُمْ مِنْ بَيْنِكُمْ لِيَرْعَوْكُمْ وَلِيَكونوا خُدّامًا لَكُمْ؛ وَقَدْ أَعْطَيْتُهُمْ السُّلْطَةَ لِيُعَمِّدوكُمْ بِالْماءِ؛ وَبَعْدَ أَنْ تَتَعَمَّدوا بِالْماءِ فَإِنّي سَأُعَمِّدُكُمْ بِالنّارِ وَبِالرّوحِ الْقُدُسِ؛ لِذٰلِكَ، طوبى لَكُمْ إِنْ آمَنْتُمْ بي وَاعْتَمَدْتُمْ بَعْدَ أَنْ رَأَيْتُموني وَعَرَفْتُمْ أَنّي أَنا هُوَ.

٢ وَكذٰلِكَ، طوبى طوبى لِلَّذينَ يُؤْمِنونَ بِكَلِماتِكُمْ لِأَنَّكُمْ تَشْهَدونَ أَنَّكُمْ رَأَيْتُموني وَتَعْلَمونَ أَنَّني هُوَ. أَجَلْ، طوبى لِلَّذينَ يُؤْمِنونَ بِكَلِماتِكُمْ وَيَنْزِلونَ إِلى أَعْماقِ الِاتِّضاعِ وَيَتَعَمَّدونَ فَسَيَزورُهُمْ بِالنّارِ وَالرّوحِ الْقُدُسِ وَسَيَنالونَ مَغْفِرَةً لِخَطاياهُمْ.

٣ أَجَلْ، طوبى لِلْمَساكينِ بِالرّوحِ الَّذينَ يَأْتونَ إِلَيَّ فَإِنَّ لَهُمْ مَلَكوتَ السَّماواتِ.

٤ وَأَيْضًا، طوبى لِجَميعِ الَّذينَ يَحْزَنونَ فَإِنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ.

٥ وَطوبى لِلْوُدَعاءِ فَإِنَّهُمْ سَيَرِثونَ الْأَرْضَ.

٦ وَطوبى لِلْجِياعِ وَالْعِطاشِ إِلى الْبِرِّ فَإِنَّهُمْ سَيَمْتَلِئونَ بِالرّوحِ الْقُدُسِ.

٧ وَطوبى لِلرُّحَماءِ فَإِنَّهُمْ سَيَنالونَ الرَّحْمَةَ.

٨ وَطوبى لِجَميعِ أَنْقِياءِ الْقَلْبِ فَإِنَّهُمْ سَيَرَوْنَ اللّٰهَ.

٩ وَطوبى لِجَميعِ صانِعي السَّلامِ فَإِنَّهُمْ سَيُدْعَوْنَ أَبْناءَ اللّٰهِ.

١٠ وَطوبى لِجَميعِ الَّذينَ يُضْطَهَدونَ مِنْ أَجْلِ اسْمي فَإِنَّ لَهُمْ مَلَكوتَ السَّماواتِ.

١١ وَطوبى لَكُمْ عِنْدَما يَشْتِمُكُمُ النّاسُ وَيَضْطَهِدونَكُمْ وَيَتَّهِمونَكُمْ بِكُلِّ أَنْواعِ الشَّرِّ زورًا مِنْ أَجْلي؛

١٢ فَسَتَبْتَهِجونَ بَهْجَةً عَظيمَةً وَسَتَفْرَحونَ جِدًّا، لِأَنَّ أَجْرَكُمْ كَبيرٌ في السَّماواتِ؛ فَكَذٰلِكَ اضْطَهَدوا الْأَنْبِياءَ الَّذينَ كانوا قَبْلَكُمْ.

١٣ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقولُ لَكُمْ: أوصيكُمْ أَنْ تَكونوا مِلْحَ الْأَرْضِ؛ وَلٰكِنْ إِذا فَقَدَ الْمِلْحُ طَعْمَهُ فَبِماذا يُمْكِنُ أَنْ تُمَلَّحَ الْأَرْضُ؟ إِنَّهُ لا يَصْلُحُ الْمِلْحُ لِشَيْءٍ بَعْدَ ذٰلِكَ إِلّا أَنْ يُطْرَحَ خارِجًا وَيُداسَ بِأَقْدامِ النّاسِ.

١٤ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقولُ لَكُمْ: أَنا أُعْطيكُمْ أَنْ تَكونوا نورَ هٰذا الشَّعْبِ. لا يُمْكِنُ أَنْ تَخْتَبِئَ مَدينَةٌ مَوْضوعَةٌ عَلى تَلٍّ.

١٥ أَيوقِدُ النّاسُ شَمْعَةً وَيَضَعونَها تَحْتَ سَلَّةٍ؟ كَلّا، بَلْ عَلى حامِلِ الشُّموعِ فَتُضيءُ لِجَميعِ الَّذينَ في الْبَيْتِ؛

١٦ فَلْيُضِئْ نورُكُمْ أَمامَ هٰؤُلاءِ النّاسِ، حَتى يَرَوْا أَعْمالَكُمُ الصّالِحَةَ وَيُمَجِّدوا أَباكُمُ الَّذي في السَّماءِ.

١٧ لا تَظَنّوا أَنّي أَتَيْتُ لِأُبْطِلَ الشَّريعَةَ أَوِ الْأَنْبِياءَ. لَمْ آتِ لِأُبْطِلَ بَلْ لِأُكَمِّلَ؛

١٨ لِأَنّي الْحَقَّ أَقولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ حَرْفٌ واحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ واحِدَةٌ مِنَ الشَّريعَةِ بَلْ تَحَقَّقَتْ كُلُّها فِيَّ.

١٩ فَإِنّي أَعْطَيْتُكُمُ الشَّريعَةَ وَوَصايا أَبي وَهِيَ أَنْ تُؤْمِنوا بي وَتَتوبوا عَنْ خَطاياكُمْ وَتَأْتوا إِلَيَّ بِقَلْبٍ مُنْكَسِرٍ وَنَفْسٍ نادِمَةٍ. ها هِيَ الْوَصايا أَمامَكُمْ وَالشَّريعَةُ قَدْ تَمَّتْ.

٢٠ لِذٰلِكَ تَعالَوْا إِلَيَّ وَاخْلُصوا؛ لِأَنّي الْحَقَّ أَقولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَحْفَظوا وَصايايَ الَّتي أَوْصَيْتُكُمْ بِها في هٰذا الْوَقْتِ فَلَنْ تَدْخُلوا مَلَكوتَ السَّماواتِ.

٢١ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ الْأَوَّلينَ قالوا وَهُوَ أَيْضًا مَكْتوبٌ أَمامَكُمْ: لا تَقْتُلْ، وَكُلُّ مَنْ يَقْتُلُ يَسْتَحِقُّ دَيْنونَةَ اللّٰهِ؛

٢٢ لٰكِنّي أَقولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلى أَخيهِ يَسْتَحِقُّ دَيْنونَةَ اللّٰهِ. وَمَنْ يَقولُ لِأَخيهِ يا غَبِيُّ يَسْتَحِقُّ الْمُحاكَمَةَ؛ وَمَنْ يَقولُ يا أَحْمَقُ يَسْتَحِقُّ نارَ الْجَحيمِ.

٢٣ لِذٰلِكَ فَإِنْ أَتَيْتَ إِلَيَّ أَوْ رَغِبْتَ في أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ وَتَذَكَّرْتَ أَنَّ لِأَخيكَ عَلَيْكَ حَقٌّ–

٢٤ اِذْهَبْ إِلى أَخيكَ أَوَّلًا وَصالِحْهُ ثُمَّ تَعالَ إِلَيَّ بِقَلْبٍ خالِصٍ وَسَأَقْبَلُكَ.

٢٥ تَوافَقْ مَعَ خَصْمِكَ سَريعًا وَأَنْتَ مَعَهُ في الطَّريقِ لِئَلّا يَقْبِضَ عَلَيْكَ في أَيِّ وَقْتٍ وَتُطْرَحَ في السِّجْنِ.

٢٦ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقولُ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَخْرُجَ مِنْ هُناكَ بِأَيِّ حالٍ إِلّا بَعْدَ أَنْ تُسَدِّدَ آخِرَ سَنينٍ. وَفيما أَنْتَ في السِّجْنِ أَيُمْكِنُكَ أَنْ تَدْفَعَ سَنينًا واحِدًا؟ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقولُ لَكَ، كَلّا.

٢٧ لَقَدْ كَتَبَ الْأَوَّلونَ: لا تَزْنِ؛

٢٨ لٰكِنّي أَقولُ لَكُمْ إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَها فَقَدِ زنى بِها في قَلْبِهِ.

٢٩ إِنّي أُعْطيكُمْ وَصِيَّةً بِأَلّا تَسْمَحوا بِأَنْ يَدْخُلَ أَيٌّ مِنْ هٰذِهِ الْأُمورِ إِلى قُلوبِكُمْ؛

٣٠ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَفْضَلِ لَكُمْ أَنْ تَمْتَنِعوا عَنْ هٰذِهِ الْأُمورِ، فَتَحْمِلوا صَليبَكُمْ، بَدَلًا مِنْ أَنْ تُطْرَحوا في الْجَحيمِ.

٣١ وَقَدْ كُتِبَ بِأَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَلْيُعْطِها كِتابَ الطَّلاقِ.

٣٢ اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقولُ لَكُمْ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ إِلّا لِعِلَّةِ الزِّنى، فَإِنَّهُ يَجْعَلُها تَرْتَكِبُ الزِّنى؛ وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً يَرْتَكِبُ الزِّنى.

٣٣ وَإِنَّهُ مَكْتوبٌ أَيْضًا: لا تَحْلِفْ بِالْباطِلِ بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ ما نَذَرْتَهُ لَهُ؛

٣٤ لٰكِنِ الْحَقَّ الْحَقَّ أَقولُ لَكُمْ: لا تَحْلِفوا الْبَتَّةَ، لا بِالسَّماءِ لِأَنَّها عَرْشُ اللّٰهِ؛

٣٥ وَلا بِالْأَرْضِ، لِأَنَّها مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ؛

٣٦ وَلا تَحْلِفْ أَيْضًا بِرَأْسِكَ، لِأَنَّكَ لا تَسْتَطيعُ جَعْلَ شَعْرَةٍ واحِدَةٍ سَوْداءَ أَوْ بَيْضاءَ؛

٣٧ بَلِ اجْعَلْ كَلامَكَ نَعَمْ نَعَمْ وَلا لا؛ لِأَنَّ كُلَّ ما زادَ عَلى ذٰلِكَ فَهُوَ شَرٌّ.

٣٨ وَإِنَّهُ مَكْتوبٌ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ؛

٣٩ لٰكِنّي أَقولُ لَكُمْ: لا تُقاوِموا الشَّرَّ، وَإِنَّما مَنْ يَضْرِبُكَ عَلى خَدِكَ الْأَيْمَنِ فَأَدِرْ لَهُ الْآخَرَ أَيْضًا؛

٤٠ وَإِنْ قاضاكَ أَيُّ إِنْسانٍ في الْمَحْكَمَةِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّداءَ أَيْضًا؛

٤١ وَمَنْ أَجْبَرَكَ عَلى أَنْ تَمْشِيَ ميلًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ.

٤٢ أَعْطِ مَنْ يَسْأَلُكَ وَلا تَرُدَّ مَنْ يُريدُ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ.

٤٣ وَإِنَّهُ مَكْتوبٌ أَيْضًا أَنَّكُمْ يَجِبُ أَنْ تُحِبّوا جارَكُمْ وَتُبْغِضوا عَدُوَّكُمْ؛

٤٤ لٰكِنّي أَقولُ لَكُمْ: أَحِبّوا أَعْداءَكُمْ وَبارِكوا لاعِنيكُمْ وَافْعَلوا خَيْرًا لِلَّذينَ يُبْغِضونَكُمْ وَصَلّوا لِأَجْلِ الَّذينَ يَسْتَغِلّونَكُمْ بِحِقْدٍ وَيَضْطَهِدونَكُمْ؛

٤٥ لِكَيْ تَكونوا أَبْناءَ أَبيكُمُ الَّذي في السَّماواتِ؛ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ شَمْسَهُ تَشْرُقُ عَلى الْأَشْرارِ وَالصّالِحينَ.

٤٦ لِذٰلِكَ فَإِنَّ كُلَّ الْأُمورِ الْقَديمَةِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ الشَّريعَةِ قَدْ تَمَّتْ بي.

٤٧ قَدْ مَضَتِ الْأُمورُ الْقَديمَةُ وَأَصْبَحَتْ كُلُّ الْأُمورِ جَديدَةً.

٤٨ لِذٰلِكَ أَوَدُّ أَنْ تَكونوا كامِلينَ كَما أَنَّني كامِلٌ وَكَما أَنَّ أَباكُمُ الَّذي في السَّماءِ هُوَ كامِلٌ.