الاجتماعات التاملية لعيد الميلاد
أربع هدايا يقدمها يسوع لكم


2:3

أربع هدايا يقدمها يسوع لكم

أخوتي وأخواتي الأحباء، يا له من موسم غال وعزيز! إننا نحب كلمات الترنيمة ”أقبلوا أيها المؤمنون“١ ونأتي بشوق لنعبده: يسوع المسيح--ذلك الطفل البيتلحمي الفريد--”يهوة العظيم في العهد القديم [و] المسيا في العهد الجديد.“٢

فلنفكر سوية الليلة بالبركات التي نحصل عليها عندما نركز على حياة، ومهمة، وعقيدة، وكفارة الرب يسوع المسيح. أدعوكم، كما دعا الملك بنيامين القديسين في أيامه، بأن ”[يتأملوا] حالة بركة أولئك الذين حفظوا وصايا الله وسرورهم.“ تلك البركة تخصنا نحن في هذا الزمان والمكان، ولكن يُضاف إليها وعد ”السعادة اللامتناهية.“٣ ببساطة، يحظى أتباع يسوع المسيح الحقيقيين إلى الأبد بامتياز الشعور ببهجة لا تُوصَف.

تذكرت ذلك قبل أيام عندما التقيت بملاك اسمها ليديا. هذه الملاكة لم تكن متسربلة بالبياض، وجعلت لقاءها سهلا بمجيئها إلى مكتبي. ليديا في الثانية عشرة من العمر. قيل لي بأنها تعاني من نوع نادر وشرس من سرطان الدماغ. ٤ كان ذات وجه ملائكي ورصانة تتجاوز عمرها. تكلمنا عن حياتها وعن مستقبلها، كانت هادئة وتشعر بالسلام. عندما سألتها إن كان لديها أية أسئلة أجابت بسرعة، ”كيف هي الجنة؟“ أدى ذلك إلى نقاش من القلب عن هدف الحياة والبركات التي قدمها أبونا السماوي وابنه الحبيب للذين يكرمانهما ويتبعانهما.

ليديا والرئيس نلسن

تأثرت بعمق بإيمان ليديا وعائلتها! ورغم مواجهتها تحديات جمة في حياتها على الأرض فإن قلب ليديا عامر بالإيمان. فهي تمتلك منظورا أبديا للحياة. إنها تعلم أن الرب يحبها وأنه سيعتني بها. وقلب أفراد عائلتها المتفانية في الإيمان عامر بذات السلام ورباطة الجأش التي لا يمكن أن يكون مصدرها إلا الإيمان بالرب.

أمنية ليديا كانت أن تلتقي برئيس كنيسة الرب، لكن جذور رغباتها أعمق من مجرد تجربة واحدة هنا في حياة الفناء. أعمق رغباتها هي أن تكون مع عائلتها إلى الأبد في المملكة السماوية. يتضمن ذلك رغبتها في أن تكون دوما مع الآب السماوي ويسوع أيضا.

بالطبع، رغباتنا تؤثر على كل منا بطرق عميقة، ليس فقط هنا وفي هذه اللحظة ولكن ما وراء ذلك أيضا. فكروا بأهمية هذه العبارة من سفر ألما: ”[الرب] يَقسِم للناس حسب مشيئتهم.“٥

الرغبة مهمة في موسم تقديم الهدايا هذا والذي نكون أثناءه، وبشكل خاص، على وعي برغبات من نحبهم. أدعوكم أن تفكروا خلال هذا الموسم برغباتكم الخاصة. ما هي أعمق رغباتكم؟ ما الذي تريدون حقا أن تشعروا به وتحققوه في هذه الحياة؟ أتريدون أن تصبحوا حقا مثل يسوع المسيح بشكل أكبر؟ أتريدون حقا أن تعيشوا إلى الأبد مع الآب السماوي ومع عائلتكم وأن تعيشوا حياة كحياته؟

إن كان الأمر كذلك فإنكم ستريدون أن تقبلوا الهبات الكثيرة التي منحها الرب ليساعدكم ويساعدني خلال فترة امتحاننا في حياة الفناء. فلنركز على أربع من الهبات التي منحها يسوع المسيح لكل راغب في الحصول عليها. ٦

أولا، لقد منحني ومنحكم قدرة لا متناهية على الحب. يتضمن ذلك القدرة على محبة من لا يمكن حبهم ومن لا يحبونكم فحسب بل يقومون حاليا باضطهادكم والإساءة إليكم.٧

بمساعدة المخلص يمكننا أن نتعلم أن نحب البشرَ كما أحبهم هو . قد يحتاج ذلك إلى تغيير في القلب--بالتأكيد سنحتاج إلى تليين قلوبنا--أثناء تعليم المخلص لنا كيف نقوم حقا بالاعتناء ببعضنا البعض. أخوتي وأخواتي الأعزاء، يمكننا أن نقوم حقا بالخدمة على طريقة الرب عندما نقبل منه هبة المحبة.

اطلبوا أن يساعدكم الرب لتحبوا من يحتاجون محبتكم، بما في ذلك مَن ليس مِن السهل دوما الشعور بالعاطفة تجاههم. بل ربما ترغبون في أن تطلبوا من الله أن يجعل ملائكته تسلك معكم الدروبَ التي لا تريدون خوضها في الحاضر.٨

الهبة الثانية التي يمنحكم المخلص إياها هي القدرة على المغفرة. من خلال كفارته اللامتناهية يمكنكم أن تغفروا للذين آذوكم والذين قد لا يقبلون أبدا المسؤولية عن قسوتهم تجاهكم.

عادة من السهل المغفرة للشخص الذي يسعى للحصول على المغفرة بصدق وتواضع. لكن المخلص سيمنحكم القدرة على أن تغفروا لكل من أساء معاملتكم بأي شكل. عندئذ لن تكون أعمالهم التي آذتكم آفة في نفوسكم.

الهبة الثالثة من المخلص هي التوبة. هذه الهبة ليست مفهومة دوما. كما تعلمون فإن كتاب العهد الجديد كُتب أصلا باللغة اليونانية. في الفقرات التي يطلب فيها المخلص من الشعب أن يتوبوا فإن الكلمة التي تُرجمت ”توبة“ هي المصطلح اليوناني ميتانو-وِيو. ٩ هذا فعل يوناني في غاية القوة. البادئة ميتا تعني ”التغيير.“ وفي اللغة الإنجليزية نستخدم هذه البادئة. مثلا كلمة ميتامورفوسيس الانجليزية تعني ”التغير في الهيئة أو الشكل.“ اللاحقة نو-وِيو مرتبطة بكلمة يونانية تعني ”العقل.“10 وهي متعلقة أيضا بكلمات يونانية أخرى تعني ”المعرفة،“11 ”الروح،“12 و ”النَّفَس.“13

هل يمكنكم البدء برؤية مدى اتساع وعمق ما يمنحنا إياه الرب عندما يمنحنا هبة التوبة؟ إنه يدعونا لنغير عقولنا، ومعرفتنا، وأرواحنا، بل حتى طريقة تنفسنا. مثلا، عندما نتوب، فإننا نلفظ أنفاسنا بالامتنان لله، الذي يمنحنا أنفاسنا من يوم إلى يوم.١٤ إننا نرغب في أن نستخدم أنفاسنا لنخدمه ولنخدم أبناءه وبناته. التوبة هي هبة متألقة. إنها عملية لا يجب الخوف منها أبدا. إنها هبة لنا كي نتلقاها ببهجة ونستخدمها--بل ونعتنقها--يوما بعد يوم خلال سعينا لنكون مثل مخلصنا بشكل أكبر.

لمح والد الملك لاموني بنظرة خاطفة ما ينتظر في المستقبل من آمنوا بالمسيح وتبعوه. وأعلن بأنه سيتخلى عن كافة خطاياه للحصول على امتياز معرفة الرب. ١٥ التوبة الحقيقية ليست حَدَثا. إنها امتياز لا منتهى له. إنها أساسية للتقدم والحصول على سلام البال، والعزاء، والبهجة.

الهبة الرابعة من مخلصنا هي في الواقع وعدٌ-- وعدٌ بالحياة الأبدية. هذا لا يعني ببساطة الحياة لفترة زمنية طويلة جدا. كلنا سنحيا إلى الأبد بعد الموت، بغض النطر عن الملكوت أو المجد الذي سنتأهل له. جميع البشر سيُقامون من الموت وسيحظون بالخلود. لكن الحياة الأبدية هي أكثر من مجرد تخصيص لمدة زمنية. الحياة الأبدية هي طبيعة ونوعية الحياة التي يحياها أبونا السماوي وابنه الحبيب. عندما يعرض علينا الآب الحياة الأبدية فإنه يقول في الأساس، ”إن اخترتم اتباع ابني--إن كانت رغبتكم هي أن تصبحواحقا مثله بشكل أكبر--عندئذ فإنكم في الوقت المناسب قد تعيشون مثلنا وتترأسون عوالم وممالك مثلنا.“

هذه الهبات الفريدة الأربعة ستمنحنا بهجة أكبر عندما نقبلها. وقد جُعِلَت ممكنة لأن يهوة تنازل وأتى إلى الأرض على هيئة الطفل يسوع. لقد وُلِد لأب خالد وأم فانية. لقد وُلِد في بيت لحم في أكثر الظروف تواضعا. كان مولده هو المولد المقدس الذي تنبأ به الأنبياء منذ أيام آدم. يسوع المسيح هو هبة الله السامية--هبة الآب لكل أبنائه وبناته.١٦ ذلك الميلاد الذي نحتفل به في كل موسم لأعياد الميلاد.

وحيث أن أفكارنا ومشاعرنا مركزة بهذا الشكل على مخلص العالم، إذا فما الذي نحتاجه نحن كي نتلقى هذه الهبات التي منحنا إياها يسوع المسيح بكامل رغبته؟ ما هو المفتاح للمحبة كما يحب هو، وللمغفرة كما يغفر هو، والتوبة لنصبح مثله بشكل أكبر، وفي النهاية لأن نعيش معه ومع أبينا السماوي؟

المفتاح هو القيام بالعهود المقدسة وحفظها. إننا نختار أن نعيش ونتقدم على درب عهد الرب والبقاء عليه. إنها ليست طريقة معقدة. إنها الطريقة الوحيدة للبهجة الحقيقية في هذه الحياة وللحياة الأبدية فيما بعدها.

أخوتي وأخواتي الأعزاء، أعمق رغباتي هي أن يكون لجميع أبناء وبنات الآب السماوي الفرصة ليستمعوا لإنجيل يسوع المسيح وأن يلتزموا بتعاليمه وأن يجتمع كل شعب الرب كما هو موعود في هذه الأيام الأخيرة. إنني أصلي بأن نؤمن وأن نتلقى المحبة التي يُكِنَّها المخلص لكل منا. محبته الكاملة واللامتناهية أثرت به كي يكفر عن خطاياكم وخطاياي. تلك الهبة--كفارته--تسمح لكل هباته الأخرى بأن تكون لنا.

في يوم مستقبلي--خلال الفترة الألفية التي نستعد لها الآن--”كل ركبة ستنحني، وكل لسان سيعترف“١٧ بأن يسوع هو المسيح. وعندئذ لن تكون جوقة المسكن في ساحة الهيكل هي وحدها من سينشد ”هللويا.“١٨ كل شخص اختار أن يتبع يسوع المسيح سينشد ويهتف: ”هَلِّلويا! فإنَّهُ قد مَلكَ الرَّبُّ الإلهُ القادِرُ علَى كُلِّ شَيءٍ.“١٩ ”قد صارَتْ مَمالِكُ العالَمِ لرَبِّنا ومَسيحِهِ، فسيَملِكُ إلَى أبدِ الآبِدينَ،“٢٠ ”ملك الملوك، ورب الأرباب.“٢١

أنا أشهد بأن الله يحيا! يسوع هو المسيح--المسيا. هذه هي كنيسته، وهو الذي يوجهها من خلال أنبيائه. بتواضع أطلب أن تكون بركاته على كل منكم، بما في ذلك الرغبة والقدرة على قبول كافة الهبات التي يقدمها المخلص لكم، باسم يسوع المسيح، آمين.