الاجتماعات التاملية لعيد الميلاد
ليعد كل قلب مكانا له


2:3

ليعد كل قلب مكانا له

منذ ما يزيد قليلاً عن أسبوع، تم إنارة أضواء عيد الميلاد في ساحة الهيكل، استمرارًا لتقليد عمره ٥٣ عامًا، وبالنسبة للكثيرين، يمثل هذا بداية موسم عيد الميلاد. نحتفل في عيد الميلاد بميلاد يسوع المسيح، ابن الله الحرفي ومخلص العالم. نجد الأمل في التصريحات التي رافقت ميلاده: ”الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ“.١ الموسيقى، والأطفال المتحمسون، والهدايا تعطى وتؤخذ، وأشجار عيد الميلاد، والزينة، والأضواء كلها جزء من احتفالنا البهيج.

عندما تفكرون في عيد الميلاد، ما هي الذكريات العزيزة التي تتبادر إلى أذهانكم؟ بالنسبة لي، هذا الوقت من السنة يجلب ذكريات احتفالات عيد الميلاد من طفولتي.

ما زلت أتذكر الكثير من الهدايا التي تلقيتها. أتذكر كرة القدم وكرة السلة ولعب الأطفال والملابس. معظم هذه الهدايا أصبحت الآن في طي النسيان. وأصبحت الملابس بالية ورثّة. ولكن ما أتذكره في معظم أعياد الميلاد الماضية—ذكرياتي الأكثر إضحاكا والذكريات المفضلة—لا تتعلق بما تلقيته ولكن بما أعطيته.

دعوني أفسِّر. كل عام، في يوم السبت قبل عيد الميلاد، يتجمع شباب جناحنا في مبنى كنيستنا. نملأ السلال بالبرتقال والموز والبسكويت والكعك البيتي الصنع لتسليمها إلى الأرامل اللواتي يسكنن في الجوار. نذهب إلى بيوتهن، ونغني أناشيد عيد الميلاد، ونعطي سلال عيد الميلاد. ما زلت أتذكر ابتساماتهن بالامتنان. كان بعضهم مهاجرين من الجيل الأول أو الجيل الثاني يعبرون عن امتنانهم في لكنة إنجليزية ثقيلة: الأخوات شوارتز، زبيندين، غرول، وكاكلر. لن أنسى أبدًا الشعور الدافئ الذي رسخه ذلك في قلبي.

عندما أصبحنا أنا وليسا أبوين، بدأنا تقليدا بتقديم هدايا عيد الميلاد لأسرة محتاجة، كما يفعل كثيرون منكم. لقد تلقينا في كثير من الأحيان اسم عائلة من جمعية خيرية، إلى جانب أعمار الأطفال. لقد صرفنا الكثير من الوقت والجهد في العثور على الهدايا المناسبة لهم. بدا أولادنا بأنهم يستمتعون بهذا بقدر تلقي الهدايا الخاصة بهم في يوم عيد الميلاد! هذا التقليد العائلي للخدمة ساعد على ترسيخ الروح الحقيقية لعيد الميلاد في قلوبنا.

في حياتي المهنية، شاركت في تطوير وتصنيع وتسويق معدات اللياقة البدنية في جميع أنحاء العالم. تم تصميم المعدات، مثل أجهزة الجري الموضعية والدراجات الثابتة وآلات إهليلجية، في المقام الأول لتقوية القلب. وفي الواقع، بذلنا جهدًا كبيرًا في شركتنا للتأكد من قدرة مستخدمي المعدات على قياس حالة ومستويات نشاط القلب من خلال أجهزة مراقبة معدل ضربات القلب بدقة. اليوم، يرتدي الكثيرون منا على معاصمنا التكنولوجيا التي تراقب قلبنا وتشجع الأنشطة لتقوية قلوبنا.

ماذا لو كانت هناك طريقة لقياس حالة قلبك من منظور روحي - جهاز مراقبة قلب روحاني، إذا صح التعبير؟ ماذا سيقول مراقب قلبك؟ ما مدى صحة قلبك روحيا؟ يبدو موسم عيد الميلاد وكأنه وقت مثالي لكل منا لتقييم حالة قلبنا بعناية.

على سبيل المثال، قد تسأل نفسك ”هل قلبي مستعد لاستقبال المخلص؟“ في وقت عيد الميلاد نحن غالبا ما نغني الترنيمة ”ليعد كل قلب مكانا له“.٢ كيف يمكنك إعداد مكان في قلبك للمسيح، خاصة خلال هذا الموسم المزدحم والرائع؟

الكتب المقدسة مليئة بالأوصاف التي يمكن أن تساعدنا في تقييم حالة قلبنا. بعض الآيات تتضمن كلمات مثل ”نقي“، و ٣ ”وديع“، و ٤ ”متواضع“، و ٥ ”منكسر“، ٦ و ”منسحق“.٧ هذه الكلمات، وغيرها الكثير في الكتب المقدسة، تعطينا فكرة عن قلب المخلص. من أجل استقباله في قلوبنا، بالتأكيد يجب أن تكون قلوبنا نقية ومتواضعة مثله.

لإعادة صياغة كلمات بولس، يمكننا أن نسعى جاهدين لجعل كلمات وميزات يسوع المسيح مكتوبة مثل ”رسالة بولس الرسول … في قلوبنا، معروفة ومقروءة لجميع الناس: …. رسالة المسيح … مكتوبة ليس بحبر، ولكن بروح الله الحي. ليس في ألواح حجرية، بل في ألواح لحمية من القلب“.٨ هذا يتطلب أكثر من مجرد تحيات عيد الميلاد السعيدة التي تسقط من شفاهنا. حذر الرب من الذين ”يقتربون مني بشفاههم، لكن قلوبهم مبتعدة عني“.٩ خلال هذا العيد وعلى مدار السنة، فان أعمالنا الطيبة والأعمال الحسنة هي أفضل مؤشر على أن حبنا للمخلِّص مكتوب في قلوبنا.

بينما أفكر في حالة قلبي، أجد الإلهام وأمثلة عظيمة لأتبع قلب التضحية والقوة التي ساعدت في تأسيس كنيسة يسوع المسيح في الأيام الأولى لاستعادتها. أود أن أشارك قصة عيد ميلاد عن قديسة أيام اخيرة مهتدية من إيمينجهام، في إنجلترا: ماري وود ليتلتن.

لم تظن ماري وزوجها بول أنهما سيغادران منزلهما في إنجلترا. لكنهما سمعا رسالة الإنجيل المستعاد واكتسبا شهادة عن حقها. تم تعميدهما، وبعد شهرين فقط، أبحرت ماري وبول، مع أبنائهما، إلى أمريكا للتجمع مع القديسين. وصلا إلى نيويورك في ٢٠ كانون الأول/ ديسمبر ١٨٤٤. بعد خمسة أيام، سافرا بواسطة عربة تجرها الخيول إلى نافو، إلينوي. تخيلوا للحظة—رحلة في الطقس البارد على الطرق الوعرة والصعبة، محتفلين بأول يوم عيد ميلاد في أمريكا.

على الرغم من كل هذه التغييرات، حافظت ماري على الأمل في قلبها بأن أسرتها ستحتفل في يوم من الأيام بعيد الميلاد كما كان الحال في إنجلترا، بأكاليل الزهور، وبابا نويل والأناشيد. لسوء الحظ، لم يكن عيد الميلاد الثاني في أمريكا، في عام ١٨٤٥، أفضل بكثير - فقد صرفوه في صندوق عربة حولها بول إلى منزل مؤقت بينما كافحت العائلة لتؤسس نفسها في نافو. مرة أخرى، بقلب مليء بالأمل، قالت ماري: ”في العام المقبل، سيكون عيد الميلاد مختلفًا“.

في العام التالي في عام ١٨٤٦، عيد الميلاد الثالث للعائلة في أمريكا، وجدت ماري والأطفال أنفسهم في فصل الشتاء، يستعدون لما يمكن أن يكون رحلة طويلة إلى الغرب في الربيع. كان الرعاع قد طردوهم من ناوفو، وكان بول يسير غربًا مع كتيبة المورمون، على بعد عدة مئات من الأميال. مرة أخرى، لم يكن هناك أناشيد ولا بابا نويل. وبدلاً من ذلك، كان هناك صوم وصلاة صادقة نيابةً عن ابن ماري البالغ من العمر ثماني سنوات، الذي كان على وشك الموت بسبب سوء تغذية حاد. لقد نجا، ولكن توفي ٢٥ آخرين في مأوى شتوي في يوم عيد الميلاد ذاك.

لم تصل ماري إلى وادي سولت ليك إلا في عيد الميلاد الرابع لها في أمريكا، حيث احتفلت ماري وعائلتها سوية وأخيراً بعيد الميلاد في سلام نسبي. حتى في ذلك الحين، لم يكن نفس النوع من الاحتفالات التي عرفتها في إنجلترا. ومع ذلك، فمن بعض النواحي، كان هذا الاحتفال أفضل. خلال احتفال بعيد الميلاد جرى في يوم الرب، في اليوم التالي لعيد الميلاد في عام ١٨٤٧، اجتمع القديسون للصلاة، والتعبير عن كلمات الشكر، وانشاد ترانيم التسبيح لله لخلاصهم في صهيون. واحدة من هذه الأناشيد كانت أدائا مؤلماً من ”تعالوا، تعالوا، يا قديسين،“ ترتيلة مكتوبة على درب الرواد التي أصبحت نشيد الإيمان لهؤلاء القديسين الرواد الأوائل. بعد ذلك، بقيت ”تعالوا، تعالوا، يا قديسين“ ترنيمة مفضلة، وحتى أنشودة لعيد الميلاد، في احتفالات عيد الميلاد للرواد.١٠

أعتقد أن تحديات ماري على مر السنين عملت شيئًا لتغيير قلبها. بدا أنها ترى عيد الميلاد بشكل أكثر وضوحا، مع تقاليد عيد الميلاد الجديدة وأغنية جديدة في قلبها. لقد طورت حقًا قلبًا من التضحية، مصدره رجاؤها بيسوع المسيح وحبها له.

يبدو أن موسم عيد الميلاد هو الوقت المناسب للتفكير في صحة قلوبنا روحياً، ولذا أختم بإقتراح بسيط قد يساعدنا على مراقبة قلوبنا الروحية وتقويتها: أدعو كل واحد منا إلى اختيار القيام بشيء يعبر عن مشاعرنا الداخلية، بطريقة خارجية، تجاه مخلصنا يسوع المسيح، كهدية نعطيه إياها هذا العام.

مثل ماري ليتلتن، نجتمع الليلة كأتباع مخلصين ليسوع المسيح لنعبده. لنستمع الآن عن كثب للجوقة في أنشودة ”جوقة الملائكة“ في ترنيمة جميلة ومفعمة بدعوة ”كل المؤمنين“ إلى ”المجيء والنظر إليه، ولد ملك الملائكة“. لا يهم أين نعيش حول العالم، فبإمكان كل منا أن ”يأتي، … مبتهجا منتصرا … إلى بيت لحم“—حتى ولو كان ذلك في قلوبنا فقط—لنعبده ونُجِلَّه.١١

أقدم شهادتي عن يسوع المسيح، مخلِّص العالم. ليكن لدينا روح المسيح مكتوبًا على قلوبنا طوال موسم الأعياد وفي السنة الجديدة هذه هي صلاتي باسم يسوع المسيح، آمين.