ضمدوا جراحهم
أصلي بأن نُعد أنفسنا لنقدم أية خدمة كهنوتية قد يضعها الرب أمامنا في رحلتنا في هذه الحياة.
كلنا مباركون بمسؤوليات تجاه آخرين. إن التمسك بكهنوت الله يعني أن الله يحملنا مسؤولية الحياة الأبدية لأبنائه. إن هذا حقيقي ورائع وفي بعض الأوقات أشعر أنها قد تكون عارمة.
إن هناك رؤساء روابط كهنوتية يستمعون الليلة ويعرفون ما أعنيه. إليكم ما حدث مع أحدكم. ومن المحتمل أنه حدث مع كثير منكم — أكثر من مرة. ربما تختلف التفاصيل ولكن الموقف هو نفسه.
شيخ لا تعرفونه جيدا يطلب منكم المساعدة. لقد اكتشف للتو أن عليه أن يقوم بنقل زوجته وطفلته الصغيرة اليوم من الشقة التي كانوا يعيشون بها إلى أخرى مجاورة.
هو وزوجته كانا قد طلبا من صديق إذا كان بإمكانهم أن يستعيروا شاحنة لمدة يوم كي يقوموا بنقل مقتنياتهم المنزلية والشخصية. أقرضهم صديقهم الشاحنة وبدأ الأب الشاب بتحميل كل ممتلكاتهم في الشاحنة ولكن في الدقائق الأولى قام بإيذاء ظهره. الصديق الذي أقرض الشاحنة كان مشغولا بحيث لم يتمكن من المساعدة. شعر الأب الشاب باليأس وفكر بك أنت رئيس رابطة شيوخه.
بحلول الوقت الذي طلب فيه منك المساعدة كان المساء قد حل وكان هناك اجتماع كنيسة في ذلك المساء. كنت قد وعدت زوجتك بمساعدتها ببعض المشاريع المنزلية في ذلك اليوم وكان أولادك قد طلبوا منك أن تساعدهم في امر ما ولكنك لم تبدأ ذلك بعد.
كما كنت تعرف أيضا أن أعضاء رابطتك، وخصوصا الأكثر التزاما، الذين تتصل بهم دائما طالبا المساعدة، ربما يكونون في نفس موقفك.
عرف الرب أنه سيكون لك أيام مثل هذه عندما دعاك إلى هذا المنصب ولذلك أعطاك قصة لتشجعك. إنها مثل لحملة الكهنوت المثقلين بالمشاغل. ندعو هذه القصة أحيانا بقصة السامري الصالح. لكنها حقا قصة كل حامل كهنوت عظيم في هذه الأيام الأخيرة الصعبة والحافلة بالمشاغل.
هذه القصة تنطبق بشكل كامل على الخادم الكهنوتي المثقل. تذكروا فقط بأنكم سامريون وليس الكهنة أو اللاويين اللذين مروا بجانب الرجل الجريح.
ربما لم تفكروا بتلك القصة عندما واجهتم مثل تلك التحديات. لكني أصلي بأنكم ستفعلون ذلك عندما تأتي مثل هذه الأيام ثانية كما سيحدث بالتأكيد.
لا تخبرنا النصوص المقدسة لم كان السامري مسافرا على الطريق من القدس إلى أريحا. في الغالب لم يكن يتمشى أو يتجول وحده لأنه لا بد كان يعرف أن اللصوص كانوا ينتظرون من هم غير حذرين. كان في رحلة جدية، وكما كان معتادا كان معه دابة لأحماله إضافة إلى الزيت والخمر.
وحسب كلمات الرب فإن السامري عندما رأى الرجل الجريح، توقف لأنه ”تَحَنَّنَ.“
وأكثر من مجرد الشعور بالعطف فقد تصرف. تذكروا دائما تفاصيل القصة:
”فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَرَبَطَ جِرَاحَهُ بَعْدَمَا صَبَّ عَلَيْهَا زَيْتاً وَخَمْراً. ثُمَّ أَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَوْصَلَهُ إِلَى الْخَانِ وَاعْتَنَى بِهِ.
”وَعِنْدَ مُغَادَرَتِهِ الْخَانَ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَدَفَعَهُمَا إِلَى صَاحِبِ الْخَانِ، وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ! وَمَهْمَا تُنْفِقْ أَكْثَرَ، فَإِنِّي أَفِيكَ ذلِكَ عِنْدَ رُجُوعِي.“١
أنتم وحملة الكهنوت مدعوون للقيادة ويمكنكم أن تحظوا بثلاث ضمانات على الأقل. أولا، الرب سيعطيكم، إن طلبتم، مشاعر العطف التي يشعر بها تجاه المحتاجين. ثانيا، سيضع في طريقكم آخرين، مثل صاحب الخان، لينضموا إليكم في خدمتكم. وثالثا، الرب، مثل السامري الصالح، سيعوض باستفاضة كل من يشاركون في تقديم المساعدة للمحتاجين.
إن رؤساء روابطكم ربما عملوا بناء على هذه الضمانات أكثر من مرة. لقد طلبتم المساعدة من آخرين في كهنوت الرب، واثقين بأنهم سيستجيبون بعطف. ولم تخافوا من لأن تطلبوا المساعدة ممن استجابوا كثيرا في السابق لأنكم عرفتم أنهم يشعرون بالعطف بسهولة. لقد طلبتم منهم عالمين أنهم في الماضي شعروا بكرم الرب عندما اختاروا الخدمة. لقد طلبتم من أشخاص مثقلين عالمين بأنه كلما كانت التضحية أعظم فإن العطف الذي سيحصلون عليه من الرب سيكون أعظم. من ساعدوا في الماضي شعروا بذلك الفيض من الامتنان النابع من المخلص.
ربما تكونون قد ألهمتم بألا تطلبوا من أحد المساعدة في تحميل وإفراغ شاحنة. كقائد فإنك تعرف أفراد رابطتك وعائلاتهم جيدا. إن الرب يعرفهم بشكل كامل.
إنه يعرف من كانت زوجته على شفا حفرة من الانهيار لأن زوجها لم يكن قادرا على العثور على الوقت ليفعل ما أرادت هي فعله والاعتناء باحتياجاتها. إنه يعرف أي الأولاد سيُبارك برؤية والده يذهب مرة أخرى لمساعدة آخرين أو إذا كان الأولاد يحتاجون للشعور بأنهم مهمون لأبيهم بما يكفي بالنسبة له حتى يقضي معهم بعض الوقت في ذلك اليوم. لكنه أيضا يعرف من يحتاج ليُدعى للخدمة ولكن ربما لا يبدو بأنه مرشح مستعد أو متوقع.
لا يمكنكم أن تعرفوا جميع أعضاء رابطتكم بشكل كامل، لكن الله يعلم. ولذلك، وكما فعلتم في أحيان كثيرة، فإنكم صليتم لمعرفة ممن تسألون للمساعدة على خدمة الآخرين. إن الرب يعرف من سيُبارك عند طلب المساعدة وأي عائلة ستبارك عندما لا يُطلب منها المساعدة.
لقد رأيت ذلك يحدث عندما كنت شابا. كنت المساعد الأول في رابطة الكهنة. في يوم من الأيام اتصل بي الأسقف في منزلي. قال بأنه يريد مني أن أذهب معه لمساعدة أرملة محتاجة. قال إنه يحتاج إليَّ.
وبينما كنت أنتظر مجيئه ليأخذني من منزلي شعرت بالاضطراب. كنت أعرف أن لدى الأسقف مستشارين قويين وحكيمين. أحدهما كان قاضيا شهيرا والآخر كان يدير شركة كبيرة وسيصبح لاحقا سلطة عامة في الكنيسة. الأسقف نفسه كان سيخدم يوما كسلطة عامة. لم كان الأسقف يقول لكاهن ليس له خبرة، ”أحتاج مساعدتك“؟
اليوم نمت معرفتي وأعرف بشكل أفضل ماذا كان يمكنه أن يقول لي: ”الرب بحاجة لأن يباركك.“ في منزل الأرملة دهشت عندما رأيته يخبر المرأة بأنها لن تحصل على أي مساعدة من الكنيسة إلى أن تقوم بتكملة نموذج الموازنة الذي كان قد تركه معها مسبقا. وفي الطريق إلى المنزل وعندما أدرك كم كنت مندهشا ضحك من دهشتي وقال، ”يا هال، عندما تتمكن من السيطرة على إنفاقها فإنه سيمكنها أن تساعد الآخرين.“
في مناسبة أخرى أخذني أسقفي معه إلى منزل أبوين مدمنان على الخمر أرسلا فتاتين صغيرتين خائفتين لملاقاتنا على الباب. بعد أن تكلم مع الفتاتين الصغيرتين، استدار إلي وقال لي، ”لا يمكننا أن نغير المأساة التي في حياتهما الآن، ولكن يمكنهم الشعور بأن الرب يحبهن.“
في أحد الأمسيات أخذني إلى منزل رجل لم يأت إلى الكنيسة منذ عدة سنوات. أخبره الأسقف كم كان يحبه وكم كان الجناح يحتاج إليه. ولم يبد أن ذلك قد أثر على الرجل. ولكن تلك المرة، وكل مرة أخذني فيها الأسقف معه، كان لها تأثير كبير علي.
لا يوجد أي طريقة يمكنني فيها أن أكتشف إذا ما كان الأسقف قد صلى ليعرف الكاهن الذي سيُبارك بمصاحبته في هذه الزيارات. كان بمقدوره أن يأخذ معه كهنة آخرين لكن الرب كان يعلم أنني سأكون أسقفا في يوم ما وسأدعو من برد إيمانهم ليعودوا إلى دفء الانجيل. علم الرب أنني في يوم ما سأكون مسئولا وذا مسئولية كهنوتية عن المئات والألوف من أبناء أبينا السماوي الذين كانوا في حاجة ماسة للمساعدة المادية.
أنتم أيها الشباب لا يمكنكم أن تعلموا أيا من أعمال الخدمة الكهنوتية التي يعدكم بها الرب لتقديم العون الروحي. لدينا جميعا هذه المهمة. إنها تأتي من كوننا أعضاء في رابطة. إنها تأتي من كوننا أعضاء في عائلة. إذا هاجم الشيطان إيمان أي من أعضاء رابطتكم أو عائلتكم فإنكم ستشعرون بالعطف. وكما في الخدمة والرحمة التي قدمها السامري فإنكم أيضا ستخدمونهم كبلسم شاف لجراحهم في أوقات حاجتهم.
أثناء خدمتكم كمبشرين متفرغين فإنكم ستذهبون إلى الألوف من البشر الذين لديهم حاجات روحية عظيمة. وهناك الكثير ممن، إلى أن تعلمهم، ممن لن يعلموا أن لديهم جراحا روحية إذا تُركت من دون علاج، ستؤدي إلى أسى لا ينتهي. ستذهب لأداء المهمة للرب وستنقذهم. الرب فقط يمكنه أن يضمد جراحهم بتقبلهم للمراسيم التي تؤدي إلى الحياة الأبدية.
كعضو في الرابطة، كمعلم منزلي، كمبشر لا يمكنك أن تساعد الناس على إصلاح الضرر إلا إن كان إيمانك نابضا بالحيوية. إن هذا يعني أكثر من مجرد قراءة الكتب المقدسة بانتظام والصلاة بشأنها. إن الصلاة اللحظية والتصفح السريع للكتب المقدسة ليس تحضيرا كافيا. إن الضمان بما ستحتاجه يأتي مع هذه المشورة من القسم الرابع والثمانين من كتاب المبادئ والعهود: ”ولا تفكروا مسبقا بما ستقولونه؛ ولكن اكنزوا في عقولكم باستمرار كلمات الحياة، وستُعطون في تلك الساعة ما يُمنح لكل إنسان.“٢
إن هذا الوعد يمكن تحققه إذا قمنا باكتناز كلمات الحياة وتطبيقها باستمرار. إن الجزء المتعلق باكتناز الكلمة في هذا العدد المقدس كان يعني بالنسبة لي الشعور بشيء حول الكلمات. مثلا، عندما ذهبت لأحاول مساعدة شخص كان إيمانه أو إيمانها متضعضعا حول دعوة النبي جوزف سميث الإلهية، فإن المشاعر تأتيني ثانية.
إنها ليست فقط كلمات كتاب مورمون. إنه الشعور بالطمأنينة التي في الحق والذي يحل عليّ كلما قرأت حتى بضعة سطور من كتاب مورمون. لا يمكنني أن أعد بأن هذا الشعور سيحل على كل شخص يصيبه الشك حول النبي جوزف سميث أو كتاب مورمون. ولكن أنا أعلم أن جوزف سميث هو نبي الاستعادة. أنا اعلم أن كتاب مورمون هو كلمة الله لأنني أكنزه.
إنني أعلم من التجربة أنه يمكنكم الحصول على ذلك الضمان حول الحقيقة من الروح لأنه أتاني. أنا وأنتم يجب أن يكون لدينا تلك الطمأنينة قبل أن يضعنا الرب في طريق مسافر نحبه جرحه أعداء الحق.
هناك استعدادٌ آخر يجب أن تقوم به. إنها صفةٌ إنسانيةٌ بأن تتصلب مشاعرنا تجاه آلام الأخرين. وهذا أحد الأسباب التي جعلت المخلص يبذل جهودا كبيرة ليتكلم عن كفارته وعن أخذه لآلام وأحزان كل أبناء أبينا السماوي على نفسه كي يعرف كيف يساعدهم.
حتى أفضل حملة الكهنوت من بين أبناء أبينا السماوي لا يرتقون إلى هذا المقياس. نحن غير صبورين مع من لا يروّن الحقائق التي تبدو بسيطة لنا. بجب أن نحرص على ألا يُفسَّر عدم صبرنا إلى إدانةٍ أو رفضٍ للآخرين.
أثناء استعدادنا لتقديم العونِ نيابة عن الرب كخدامه الكهنوتيين فإن هناك عددا كتابيا ليساعدنا، وهو يحتوي على الهبة التي نحتاجها في رحلتنا أينما أرسلنا الرب. لقد كانت لدى السامري الصالح تلك الهبة ونحن سنحتاجها وقد أخبرنا الرب أين نعثر عليها:
”فَيَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَدَيْكُمْ مَحَبَّةٌ فَأَنْتُمْ لا شَيْءٌ، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ لا تَفْشَلُ أَبَدًا، وَلِذلِكَ تَمَسَّكُوا بِالْمَحَبَّةِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ شَيْءٍ لأَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ الأُخْرَى تَفْشَلُ—
”أَمَّا الْمَحَبَّةُ فَهِيَ حُبُّ الْمَسِيحِ النَّقِيُّ، وَهِيَ تَبْقَى إِلَى الأَبَدِ؛ وَكُلُّ مَنْ يُوجَدُ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ يَكُونُ لَهُ خَيْرٌ.
لِذلِكَ، يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، صَلُّوا إِلَى الآبِ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ لِكَيْ تَمْتَلِئُوا بِهذَا الْحُبِّ الَّذِي مَنَحَهُ لِجَمِيعِ الأَتْبَاعِ الْمُخْلِصِينَ لابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ؛ لِكَيْ تَصِيرُوا أَبْنَاءَ اللهِ؛ حَتَّى نَكُونَ مِثْلَهُ مَتَى ظَهَرَ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ؛ لِكَيْ نَحْصُلَ عَلَى هذَا الرَّجَاءِ؛ لِكَيْ نُطَهَّرَ كَمَا هُوَ طَاهِرٌ.”٣
إنني أصلي بأن نعد أنفسنا كي نقدم أية خدمة كهنوتية تُوضع أمامنا في حياتنا الفانية. باسم يسوع المسيح، آمين.