٢٠١٠–٢٠١٩
بركات العبادة
تشرين الاول/ أوكتوبر 2016


11:29

بركات العبادة

العبادة اساسية ومركزية لحياتنا الروحية. هي أمر يجب علينا أن نشتاق إليه، ونبحث عنه ونجتهد لنختبره

زيارته

من التجارب الاكثر روعة وحنانا في الكتب المقدسة هي قصة زيارة المسيح إلى سكان القارة الامريكية بعد موته وقيامته. لقد عانى السكان من دمار كبير لدرجة أنه ”تشوه وجه الارض باكملها.“ سجل هذه الاحداث يذكر أنه بعد الكارثة بكى كل الناس باستمرار وفي وسط حزنهم العميق، جاعوا للشفاء، والسلام والخلاص.

عندما نزل المسيح من السماء، سجد الناس مرتين عند قدميه. حدثت المرة الأولى عندما أعلن بسلطة إلهية:

”إنّي أنا يسوع المسيح، الذي تنبأ الأنبياء عن مجيئه إلى العالم“

”انا هو نور العالم وحياته.“

بعد ذلك دعى الموجودين أن ”انهضوا وتعالوا إليّ حتى تدخلوا ايديكم في جنبي، وتلمسوا آثار المسامير في يديّ و قدميّ، فتعلموا أنني أنا إله إسرائيل، وإله الارض كله وأنني قتلت من اجل خطايا العالم …

”وبعد ان تقدم الجميع وشهدوا بانفسهم صرخوا بصوت واحد قائلين:

”أوصنا! مبارك اسم الإله العليّ العظيم!“

وبعد ذلك، للمرة الثانية ”خروا ساجدين عند قدمي يسوع. “ ولكن هذه المرة لغرض، لأننا نتعلم بأنهم ”عبدوه.”

الوقت الحاضر

في أوائل هذا العام كنت في مهمة لزيارة وتد في غرب الولايات المتحدة. كان يوم أحد عادي، في اجتماع عادي مع أعضاء عاديين من الكنيسة. كنت انظر بينما دخل الناس الى الكنيسة وأخذوا أماكنهم بخشوع في المقاعد المتاحة. في اخر لحظة، تكررت مناقشات مهموسة في القاعة. حاول الأباء احيانا من دون نتيجة أن يُسكتوا الأطفال المفعمين بالحيوية. اعتيادي.

لكن، بعد ذلك، جاءت كلمات من الروح القدس إلى ذهني

لم يأتي هولاء الاعضاء بداعي الواجب او ليسمعوا المتحدثين فقط.

انهم حضروا لسبب أعمق وأهم كثيرا.

حضروا من أجل العبادة.

مع سير الاجتماع لاحظت عدة أعضاء من الحضور. كان لديهم مظهر سماوي تقريبا وموقفهم كان موقف الخشوع والسلام. شيء عنهم أثلج صدري. كان الاختبار الذي كانوا يختبرونه هذا الأحد استثنائيا.

كانوا يتعبدون.

كانوا يختبرون السماء.

كنت أشاهده في ملامحهم.

فرحت وتعبدت معهم وعندها همس الروح القدس في قلبي. وفي ذلك اليوم، تعلمت شيئا عن نفسي، عن الله وعن دور العبادة الحقيقية في حياتنا.

العبادة في حياتنا اليومية

قديسي الأيام الأخيرة استثنائين عندما نتكلم عن الخدمة في الدعوات في الكنيسة. ولكن احيانا قد نقوم بواجباتنا بشكل روتيني كما لو كنا نقوم بمجرد عمل عادي. أحيانا حضورنا في الاجتماعات وخدمتنا في الملكوت قد يخلو من عنصر العبادة الروحية. من دون هذا، نخسر لقاءا روحيا لايقارن مع اللا محدود، وهو حق لنا كأبناء أب سماوي محب.

العبادة ليست مصادفة سعيدة ولكنها شيء اساسي لحياتنا الروحية. هو شيء علينا أن نشتاق إليه، نبحث عنه ونجتهد لنختبره.

ما هي العبادة؟

عندما نعبد الله، نتقدم إليه بخشوع المحبة، والتواضع والتوقير. نعترف به و نقبله كملكنا المتسيد، وخالق الكون، وابونا المحبوب والمحب.

نحترمه ونوقره.

نخضع انفسنا له.

نرفع قلوبنا في صلاة قوية، نعتز بكلاماته، ونبتهج في نعمته ونلتزم باتباعه بولاء مكرس.

عبادة الله عنصر اساسي في حياة تلميذ يسوع المسيح لو فشلنا في استقباله في قلوبنا، سنبحث عنه في مجالسنا، وكنائسنا وهياكلنا بلا فائدة.

التلاميذ الحقيقيين يرغبوا أن ” (يعبدوا) صانع السماء و الارض والبحر وينابيع المياه-— منادين اسم الرب نهاراً و ليلاً.“

نستطيع أن نتعلم الكثير عن العبادة الحقيقية بفحص كيف قام الأخرون- الذين ربماً هم اشخاص ليسوا مختلفين جدا عنا- بلقاء، والتصرف والعبادة في المحضر الالهي.

العجب، والامتنان والرجاء

في اوائل القرن التاسع عشر، تخلى العالم المسيحي باكمله تقريبا عن الفكرة بأن ألله مستمر بالكلام مع البشر. ولكن في خريف عام 1820، تغير الوضع إلى الابد عندما دخل صبي مزرعة متواضع الى غابة وركع للصلاة. من ذلك اليوم قدما، امتلأت الارض بالرؤى الرائعة، والاعلانات و الظهورات السماوية لتمنح سكانها بمعرفة ثمينة فيما يتعلق بطبيعة وأغراض ألله وعلاقته مع البشر.

وصف أوليفر كاودري تلك الأيام كأيام ”لن تنسى- مالها من البهجة! مالها من العجب! ومالها من الدهشة!“

كلمات أوليفر تنقل العناصر الأولى التي ترافق العبادة الحقيقية للالوهية- احساس عجيب ومهيب وشكر عميق.

كل يوم، ولكن خصوصا في يوم الأحد، لدينا الفرصة الاستثنائية لنختبر عجب ودهش السموات و نقدم حمدنا إلى ألله على بركاته الصالحة ورحمته الغامرة.

هذا سيقودنا إلى الرجاء. هذه العناصر الأولى للعبادة.

النور، والمعرفة والإيمان

في يوم الخمسين المبارك، دخل الروح القدس في قلوب وأذهان تلاميذ المسيح، وملأهم بنور ومعرفة.

حتى ذلك اليوم كانوا احيانا غير متأكدين عما يجب عليهم أن يفعلوه. اصبحت أورشليم مكانا خطيرا لأتباع المسيح ولا بد أنهم تسائلوا ماذا سيحل بهم.

ولكن عندما ملأ الروح القدس قلوبهم ، تلاشى الشك والتردد. من خلال التجربة العظيمة للعبادة الحقيقية، استقبل قديسي الله النور السماوي، والمعرفة والشهادة الأقوى. وأدت هذه كلها إلى الإيمان.

من تلك اللحظة قدما، تصرف تلاميذ المسيح بتصميم موجه. بشروا بيسوع المسيح في جرأة إلى العالم.

عندما نعبد بالروح القدس، ندعوا النور والحق إلى أرواحنا الامر الذي يقوي إيماننا. هذه أيضا عناصر ضرورية للعبادة الحقيقية.

التلمذة والمحبة

في كتاب مورمون نتعلم أنه من لحظة خلاص ألما الصغير من تمرده وعواقبه، غيّر نفسه تماما. بجرأة، ”(طاف) بجميع (البلاد) …وجميع القوم … سعى بكل حماس لتصحيح كل الأضرار التي (سببها) للكنيسة.“

عبادته المستمرة لله القدير اخذت شكل التلمذة النشيطة.

العبادة الحقيقية تحولنا إلى تلاميذ مخلصين ومثابرين لسيدنا ومخلصنا، يسوع المسيح. نتغير ونصبح مثله اكثر.

نصبح اكثر فهما واهتماما. ومتسامحين اكثر. ومحبين اكثر.

نفهم بأنه من المستحيل أن نقول بأننا نحب الله و في نفس الوقت نبغض، ونرفض أو نتجاهل الذين حولنا.

تقود العبادة الحقيقية إلى عزم غير مهتز للمشي في طريق التلمذة. وذلك يؤدي إلى المحبة. هذه أيضا عناصر ضرورية للعبادة.

ادخلوا ابوابه بالشكر

عندما أفكر بما بدأ كيوم أحد عادي، في ذلك المبنى العادي، في ذلك الوتد العادي، حتى اليوم يتحرك قلبي من هذه التجربة الروحية الرائعة التي ستبارك حياتي إلى الأبد.

تعلمت بأنه حتى لو كنا مدراء مميزين لوقتنا، ودعواتنا ومهماتنا، حتى لو كنا كاملين كافراد، وكعائلات، وكقادة، لو فشلنا أن نعبد مخلصنا الرحيم، وملكنا السماوي، وإلهنا الممجد، نفقد كثيرا من فرح و سلام الأنجيل.

عندما نعبد ألله، نعترف به و نتقبله في نفس الخشوع كما اولئك السكان القدماء في القارة الأمريكية. نتقدم إليه باحساس ورائع من العجب والدهشة. نتعجب في الشكر على صلاح ألله. هكذا، نكتسب الرجاء.

نتأمل في كلمات ألله التي تملأ ارواحنا بنور وحق. نفهم الابعاد الروحية التي لا يمكن مشاهدتها بدون نور الروح القدس. هكذا، نكتسب الإيمان.

كلما نتعبد، تتنقى ارواحنا ونلتزم ان نمشي في خطوات مخلصنا الحبيب، يسوع المسيح. وفي هذا التصميم، نكتسب المحبة.

عندما نتعبد، قلوبنا ترغب أن تسبح بحمد لالهنا المبارك في الصباح، والظهر والليل.

نقدسه ونحترمه باستمرار في بيوت اجتماعاتنا، وبيوتنا، هياكلنا وفي عملنا.

عندما نتعبد، نفتح قلوبنا إلى القوة الشافية لكفارة يسوع المسيح.

تصبح حياتنا رمزا وتعبيرا لعبادتنا.

اخوتي و اخواتي، التجارب الروحية لا تتعلق بما يحدث حولنا بنفس الدرجة كما يحدث في قلوبنا. شهادتي بأن العبادة الحقيقية ستحول اجتماعات الكنيسة إلى أعياد روحية استثنائية. ستغني حياتنا، وتوسع فهمنا وتقوي شهادتنا. كلما نميل بقلوبنا إلى الله، مثل كاتب المزامير القديم، ”ادْخُلُوا أَبْوَابَهُ بِحَمْدٍ، دِيَارَهُ بِالتَّسْبِيحِ. احْمَدُوهُ، بَارِكُوا اسْمَهُ.

”لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ، إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتُهُ، وَإِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ أَمَانَتُهُ.“

من خلال العبادة المخلصة والصادرة من القلب، نزهر وننضج في الرجاء، والإيمان والمحبة. ومن خلال هذه العملية، نكتسب النور الإلهي في ارواحنا الذي يشحن حياتنا بالمعنى الالهي، والسلام المقيم والفرح الابدي.

تلك هي بركة العبادة في حياتنا. عن هذا اشهد بتواضع باسم يسوع المسيح، امين.