١ وَبَعْدَ أَنْ أَسَّسوا كَنيسَةً في تِلْكَ الْأَرْضِ، طَلَبَ الْمَلِكُ لاموني أَنْ يَذْهَبَ عَمّونُ مَعَهُ إِلى أَرْضِ نافي لِيُرِيَهُ لِأَبيهِ.

٢ وَقالَ صَوْتُ الرَّبِّ لِعَمّونَ: لا تَصْعَدْ إِلى أَرْضِ نافي فَإِنَّ الْمَلِكَ سَيَطْلُبُ حَياتَكَ؛ لٰكِنِ اذْهَبْ إِلى أَرْضِ ميدوني؛ فَإِنَّ أَخاكَ هارونَ وَأَيْضًا مولوكي وَأَمّاحَ في السِّجْنِ.

٣ فَلَمّا سَمِعَ عَمّونُ هٰذا، قالَ لِلاموني: إِنَّ أَخي وَإِخْوَتي في السِّجْنِ في ميدوني، وَأَنا ذاهِبٌ لَعَلّي أُنْقِذُهُمْ.

٤ فَقالَ لاموني لِعَمّونَ: إِنّي أَعْلَمُ أَنَّهُ بِقُوَّةِ الرَّبِّ يُمْكِنُكَ أَنْ تَفْعَلَ كُلَّ شَيْءٍ. لٰكِنّي سَأَذْهَبُ مَعَكَ إِلى أَرْضِ ميدوني لِأَنَّ مَلِكَ أَرْضِ ميدوني، وَالَّذي اسْمُهُ أَنْتيعُمْنو، صَديقٌ لي؛ لِذٰلِكَ أَذْهَبُ إِلى أَرْضِ ميدوني كَيْ أُقَدِّمَ الْإِطْراءَ لِمَلِكِ الْأَرْضِ، فَيُطْلِقُ إِخْوَتَكَ مِنَ السِّجْنِ. وَقالَ لَهُ لاموني: مَنْ قالَ لَكَ إِنَّ إِخْوَتَكَ في السِّجْنِ؟

٥ فَقالَ لَهُ عَمّونُ: لَمْ يُخْبِرْني أَحَدٌ إِلّا اللّٰهَ؛ وَقالَ لي—اِذْهَبْ وَأَنْقِذْ إِخْوَتَكَ لِأَنَّهُمْ في السِّجْنِ في أَرْضِ ميدوني.

٦ فَلَمّا سَمِعَ لاموني هٰذا، جَعَلَ خَدَمَهُ يُهَيِّئونَ خَيْلَهُ وَمَرْكَباتِهِ.

٧ وَقالَ لِعَمّونَ: تَعالَ، سَأَنْزِلُ مَعَكَ إِلى أَرْضِ ميدوني، وَهُناكَ سَأَلْتَمِسُ مِنَ الْمَلِكِ أَنْ يُطْلِقَ سَراحَ إِخْوَتِكَ مِنَ السِّجْنِ.

٨ وَبَيْنَما كانَ عَمّونُ وَلاموني مُسافِرَيْنِ إِلى هُناكَ، الْتَقَيا بِوالِدِ لاموني الَّذي كانَ مَلِكًا عَلى كُلِّ الْأَرْضِ.

٩ فَقالَ والِدُ لاموني لِلاموني: لِماذا لَمْ تَأْتِ إِلى الْوَليمَةِ في ذٰلِكَ الْيَوْمِ الْعَظيمِ عِنْدَما قَدَّمْتُ وَليمَةً لِأَبْنائي وَلِشَعْبي؟

١٠ وَقالَ أَيْضًا: إِلى أَيْنَ تَذْهَبُ مَعَ هٰذا النّافِيِّ الَّذي هُوَ مِنْ أَبْناءِ الْكَذّابِ؟

١١ وَكانَ أَنَّ لاموني أَخْبَرَهُ إِلى أَيْنَ هُوَ ذاهِبٌ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُسيءَ إِلَيْهِ.

١٢ وَأَخْبَرَهُ أَيْضًا بِكُلِّ أَسْبابِ تَأَخُّرِهِ في مَمْلَكَتِهِ، وَلِماذا لَمْ يَذْهَبْ إِلى أَبيهِ وَإِلى الْوَليمَةِ الَّتي أَعَدَّها.

١٣ وَعِنْدَما أَخْبَرَهُ لاموني بِكُلِّ هٰذِهِ الْأُمورِ، لِدَهْشَتِهِ غَضِبَ أَبوهُ عَلَيْهِ وَقالَ: يا لاموني، إِنَّكَ ذاهِبٌ لِتُنْقِذَ هٰؤُلاءِ النّافِيّينَ الَّذينَ هُمْ أَبْناءُ الْكَذّابِ. إِنَّهُ قَدْ سَلَبَ آباءَنا وَالْآنَ يَأْتي أَبْناؤُهُ أَيْضًا بَيْنَنا كَيْ يَخْدَعونا بِمَكْرِهِمْ وَأَكاذيبِهِمْ حَتّى يَسْلُبوا مِنّا أَمْلاكَنا مَرَّةً أُخْرى.

١٤ وَأَمَرَهُ أَبو لاموني بِأَنْ يَقْتُلَ عَمّونَ بِالسَّيْفِ. وَأَمَرَهُ أَيْضًا بِأَلّا يَذْهَبَ إِلى أَرْضِ ميدوني بَلْ أَنْ يَرْجَعَ مَعَهُ إِلى أَرْضِ إِسْماعيلَ.

١٥ لٰكِنَّ لاموني قالَ لَهُ: لَنْ أَقْتُلَ عَمّونَ، وَلَنْ أَرْجِعَ إِلى أَرْضِ إِسْماعيلَ، بَلْ سَأَذْهَبُ إِلى أَرْضِ ميدوني لِأُطْلِقَ سَراحَ إِخْوَةِ عَمّونَ، لِأَنّي أَعْلَمُ أَنَّهُمْ رِجالٌ عادِلونَ وَأَنْبِياءُ قِدّيسونَ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ الْحَقِّ.

١٦ فَلَمّا سَمِعَ أَبوهُ هٰذا الْكَلامَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَاسْتَلَّ سَيْفَهُ لِيَضْرِبَهُ إِلى الْأَرْضِ.

١٧ لٰكِنَّ عَمّونَ تَصَدّى لَهُ وَقالَ لَهُ: إِنَّكَ لَنْ تَقْتُلَ ابْنَكَ؛ وَمَعَ ذٰلِكَ، فَسُقوطُهُ خَيْرٌ مِنْ سُقوطِكَ، فَإِنَّهُ قَدْ تابَ عَنْ خَطاياهُ؛ وَلٰكِنْ إِذا سَقَطْتَ وَأَنْتَ في غَضَبِكَ، فَلَنْ تَسْتَطيعَ نَفْسُكَ أَنْ تَخْلُصَ.

١٨ وَمِنَ الْأَفْضَلِ أَيْضًا أَنْ تَمْتَنِعَ، لِأَنَّكَ إِنْ قَتَلْتَ ابْنَكَ، وَهُوَ رَجُلٌ بَريءٌ، فَإِنَّ دَمَهُ سَيَصْرُخُ مِنَ الْأَرْضِ إِلى الرَّبِّ إِلٰهِهِ، لِيَنْتَقِمَ مِنْكَ؛ وَلَرُبَّما تَخْسَرُ خَلاصَكَ.

١٩ وَلَمّا قالَ لَهُ عَمّونُ هٰذِهِ الْكَلِماتِ، أَجابَهُ قائِلًا: إِنّي أَعْلَمُ أَنَّني أَسْفِكُ دَمًا بَريئًا إِذا قَتَلْتُ ابْني؛ لِأَنَّكَ أَنْتَ مَنْ سَعَيْتَ لِإِهْلاكِهِ.

٢٠ وَمَدَّ يَدَهُ لِيَقْتُلَ عَمّونَ. لٰكِنَّ عَمّونَ تَصَدّى لِضَرَباتِهِ، وَضَرَبَ ذِراعَهُ أَيْضًا فَلَمْ يَسْتَطِعِ اسْتِخْدامَها.

٢١ فَلَمّا رَأى الْمَلِكُ أَنَّ عَمّونَ يَسْتَطيعُ أَنْ يَقْتُلَهُ، بَدَأَ يَتَوَسَّلُ إِلى عَمّونَ كَيْ يُبْقِيَ عَلى حَياتِهِ.

٢٢ لٰكِنَّ عَمّونَ رَفَعَ سَيْفَهُ وَقالَ لَهُ: إِنّي سَأَضْرِبُكَ إِنْ لَمْ تَهَبْني إِطْلاقَ سَراحِ إِخْوَتي مِنَ السِّجْنِ.

٢٣ فَخَشْيَةً مِنْ أَنْ يَفْقِدَ حَياتَهُ، قالَ الْمَلِكُ: إِنْ أَبْقَيْتَ عَلى حَياتي سَأَهَبُكَ كُلَّ ما سَتَطْلُبُهُ حَتّى نِصْفَ الْمَمْلَكَةِ.

٢٤ وَلَمّا رَأى عَمّونُ أَنَّهُ أَثَّرَ عَلى الْمَلِكِ الْمُسِنِّ كَما أَرادَ قالَ لَهُ: إِذا سَمَحْتَ بِإِطْلاقِ سَراحِ إِخْوَتي مِنَ السِّجْنِ، وَأَنْ يَحْتَفِظَ لاموني أَيْضًا بِمَمْلَكَتِهِ، وَأَلّا تَكونَ غاضِبًا مِنْهُ، وَلٰكِنْ أَنْ تَهَبَهُ أَنْ يَفْعَلَ ما يُريدُهُ في كُلِّ ما يُفَكِّرُ بِهِ، عِنْدَئِذٍ سَأُبْقي عَلَيْكَ؛ وَإِلّا فَإِنّي أَضْرِبُكَ إِلى الْأَرْضِ.

٢٥ وَلَمّا قالَ عَمّونُ هٰذِهِ الْكَلِماتِ، بَدَأَ الْمَلِكُ يَبْتَهِجُ لِأَنَّ عَمّونَ أَبْقى عَلى حَياتِهِ.

٢٦ وَلَمّا رَأى أَنَّ عَمّونَ لَمْ يَرْغَبْ في إِهْلاكِهِ، وَعِنْدَما رَأى أَيْضًا الْحُبَّ الْعَظيمَ الَّذي كانَ يَكُنُّهُ لِابْنِهِ لاموني، دُهِشَ بِشِدَّةٍ وَقالَ: لِأَنَّ هٰذا هُوَ كُلَّ ما تُريدُهُ، بِأَنْ أُطْلِقَ سَراحَ إِخْوَتِكَ وَأَنْ أَسْمَحَ لِابْني لاموني بِأَنْ يَحْتَفِظَ بِمَمْلَكَتِهِ، فَإِنّي سَأَهَبُكَ أَنْ يَحْتَفِظَ ابْني بِمَمْلَكَتِهِ مُنْذُ هٰذا الْوَقْتِ وَإِلى الْأَبَدِ، وَلَنْ أَحْكُمَهُ فيما بَعْدُ–

٢٧ وَسَأَسْمَحُ أَيْضًا بِإِطْلاقِ سَراحِ إِخْوَتُكَ مِنَ السِّجْنِ، وَيُمْكِنُكَ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ أَنْتَ وَإِخْوَتُكَ في مَمْلَكَتي، فَإِنَّني أَرْغَبُ كَثيرًا في رُؤْيَتِكُمْ. لِأَنَّ الْمَلِكَ كانَ مُنْدَهِشًا جِدًّا مِنَ الْكَلِماتِ الَّتي تَكَلَّمَ بِها وَكَذٰلِكَ مِنَ الْكَلِماتِ الَّتي تَكَلَّمَ بِها ابْنُهُ لاموني، لِذٰلِكَ كانَ يُريدُ أَنْ يَتَعَلَّمَها.

٢٨ وَتابَعَ عَمّونُ وَلاموني رِحْلَتَهُما نَحْوَ أَرْضِ ميدوني. وَوَجَدَ لاموني نِعْمَةً في عَيْنَيْ مَلِكِ الْأَرْضِ؛ وَلِذٰلِكَ أُخْرِجَ إِخْوَةُ عَمّونَ مِنَ السِّجْنِ.

٢٩ وَعِنْدَما الْتَقى بِهِمْ عَمّونُ حَزِنَ بِشِدَّةٍ فَقَدْ كانوا عُراةً وَكانَتْ بَشَرَتُهُمْ قَدْ تَآكَلَتْ لِأَنَّهُمْ كانوا قَدْ أوثِقوا بِحِبالٍ قَوِيَّةٍ. كَما عانَوْا مِنَ الْجوعِ وَالْعَطَشِ وَجَميعِ أَنْواعِ الْعَذابِ؛ لٰكِنَّهُمْ كانوا صابِرينَ في كُلِّ مُعاناتِهِمْ.

٣٠ فَإِنَّ مَصيرَهُمْ كانَ أَنْ يَقَعوا في أَيْدي شَعْبٍ أَكْثَرَ قَسْوَةً وَتَعَنُّتًا؛ لِذٰلِكَ لَمْ يَسْمَعوا لِكَلِماتِهِمْ بَلْ طَرَدوهُمْ وَضَرَبوهُمْ وَطارَدوهُمْ مِنْ بَيْتٍ إِلى بَيْتٍ وَمِنْ مَكانٍ إِلى مَكانٍ إِلى أَنْ وَصَلوا إِلى أَرْضِ ميدوني؛ وَهُناكَ أَخَذوهُمْ وَطَرَحوهُمْ في السِّجْنِ وَأَوْثَقوهُمْ بِحِبالٍ قَوِيَّةٍ، وَمَكَثوا في السِّجْنِ أَيّامًا كَثيرَةً، حَتّى أَنْقَذَهُمْ لاموني وَعَمّونُ.