النصوص المقدّسة
ألما ٥٦


الفصل السادس والخمسون

يرسل حيلامان رسالة إلى موروني يسرد فيها أحداث الحرب مع اللامانيين—يحقق أنتيبوس وحيلامان انتصارًا عظيمًا على اللامانيين—يقاتل أبناء حيلامان الألفان بقوة عجيبة ولا يُقتل منهم أحد. الآية ١، حوالي ٦٢ ق.م.؛ الآيات ٢–١٩، حوالي ٦٦ ق.م.؛ والآيات ٢٠–٥٧، حوالي ٦٥–٦٤ ق.م.

١ وَفي بِدايَةِ السَّنَةِ الثَّلاثينَ مِنْ حُكْمِ الْقُضاةِ، في الْيَوْمِ الثّاني مِنَ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، تَلَقّى موروني رِسالَةً مِنْ حيلامانَ يُبَيِّنُ فيها أَحْوالَ الشَّعْبِ في تِلْكَ النّاحِيَةِ مِنَ الْأَرْضِ.

٢ وَهٰذِهِ هِيَ الْكَلِماتُ الَّتي كَتَبَها قائِلًا: أَخي الْحَبيبَ موروني، أَخي في الرَّبِّ وَفي مَتاعِبِ حَرْبِنا؛ إِنَّ لَدَيَّ شَيْئًا سَأُخْبِرُكَ بِهِ بِخُصوصِ حَرْبِنا في تِلْكَ الْجِهَةِ مِنَ الْأَرْضِ، يا أَخي الْحَبيبَ.

٣ إِنَّ هُناكَ أَلْفَيْنِ مِنْ أَبْناءِ الْقَوْمِ الَّذينَ أَنْزَلَهُمْ عَمّونُ مِنْ أَرْضِ نافي—وَهُمْ مِنْ نَسْلِ لامانَ، الاِبْنِ الْأَكْبَرِ لِأَبينا لاحي؛

٤ وَلَسْتُ بِحاجَةٍ إِلى أَنْ أَصِفَ لَكَ تَقاليدَهُمْ أوْ عَدَمَ إيمانِهِمْ لِأَنَّكَ تَعْلَمُ كُلَّ هٰذِهِ الْأُمورِ—

٥ لِذٰلِكَ يَكْفي أَنْ أُخْبِرَكَ بِأَنَّ أَلْفَيْنِ مِنْ هٰؤُلاءِ الشُّبّانِ قَدْ حَمَلوا أَسْلِحَتَهُمُ الْحَرْبِيَّةَ وَأَرادوا أَنْ أَكونَ قائِدَهُمْ؛ وَخَرَجْنا لِلدِّفاعِ عَنْ بِلادِنا.

٦ كَما أَنَّكَ أَيْضًا عَلى عِلْمٍ بِالْعَهْدِ الَّذي قَطَعَهُ آباؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ لَنْ يَحْمِلوا أَسْلِحَتَهُمُ الْحَرْبِيَّةَ ضِدَّ إِخْوَتِهِمْ لِسَفْكِ الدَّمَ.

٧ لٰكِنْ في السَّنَةِ السّادِسَةِ وَالْعِشْرينَ، عِنْدَما رَأَوْا مَتاعِبَنا وَمَشَقّاتِنا مِنْ أَجْلِهِمْ، كانوا عَلى وَشْكِ أَنْ يَنْقُضوا الْعَهْدَ الَّذي قَطَعوهُ وَيَحْمِلوا أَسْلِحَتَهُمُ الْحَرْبِيَّةَ دِفاعًا عَنّا.

٨ لٰكِنَّني لَمْ أَسْمَحْ لَهُمْ بِأَنْ يَنْقُضوا هٰذا الْعَهْدَ الَّذي قَطَعوهُ، مُفْتَرِضًا أَنَّ اللّٰهَ سَيُقَوّينا، فَلا نُعاني الْمَزيدَ بِسَبَبِ الْتِزامِهِمْ بِالْعَهْدِ الَّذي قَطَعوهُ.

٩ إِلّا أَنَّ هُناكَ شَيْئًا واحِدًا يُفْرِحُنا كَثيرًا. إِذْ أَنَّهُ في السَّنَةِ السّادِسَةِ وَالْعِشْرينَ قُدْتُ أَنا حيلامانُ هٰؤُلاءِ الشُّبّانَ الْأَلْفَيْنِ إِلى مَدينَةِ يَهوذا لِتَقْديمِ الدَّعْمِ لِأَنْتيبوسَ الَّذي جَعَلْتَهُ قائِدًا لِلشَّعْبِ في تِلْكَ النّاحِيَةِ مِنَ الْأَرْضِ.

١٠ وَقَدْ ضَمَمْتُ أَبْنائي الْأَلْفَيْنِ إِلى جَيْشِ أَنْتيبوسَ، فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقّونَ أَنْ يُدْعَوْا أَبْناءً. وَقَدِ ابْتَهَجَ أَنْتيبوسُ كَثيرًا بِهٰذِهِ الْقُوَّةِ؛ فَإِنَّ اللّامانِيّينَ كانوا قَدْ قَلَّلوا مِنْ عَدَدِ أَفْرادِ جَيْشِهِ، فَقَدْ قَتَلَتْ قُوّاتُهُمْ عَدَدًا هائِلًا مِنْ رِجالِنا، وَهٰذا سَبَبُ حُزْنِنا.

١١ مَعَ ذٰلِكَ، يُمْكِنُنا أَنْ نُعَزّي أَنْفُسَنا بِهٰذا الشَّأْنِ، ذٰلِكَ أَنَّهُمْ ماتوا في سَبيلِ وَطَنِهِمْ وَإِلٰهِهِمْ، أَجَلْ، وَهُمْ سُعَداءُ.

١٢ كَما احْتَفَظَ اللّامانِيّونَ أَيْضًا بِالْعَديدِ مِنَ الْأَسْرى، وَجَميعُهُمْ قادَةٌ رَئيسِيّونَ، إِذْ أَنَّهُمْ لَمْ يُبْقوا أَحَدًا غَيْرَهُمْ عَلى قَيْدِ الْحَياةِ. وَنَحْنُ نَفْتَرِضُ أَنَّهُمُ الْآنَ في أَرْضِ نافي، إِنْ لَمْ يَكونوا قَدْ قُتِلوا.

١٣ وَهٰذِهِ هِيَ الْمُدُنُ الَّتي اسْتَوْلى عَلَيْها اللّامانِيّونَ بِسَفْكِ دِماءِ كَثيرٍ مِنْ رِجالِنا الْبَواسِلِ:

١٤ أَرْضُ مانْتي، أَيْ مَدينَةُ مانْتي، وَمَدينَةُ زيزْرومَ وَمَدينَةُ كوميني وَمَدينَةُ أَنْتيبارَةَ.

١٥ وَتِلْكَ هِيَ الْمُدُنُ الَّتي كانوا قَدِ اسْتَولَوْا عَلَيْها عِنْدَما وَصَلْتُ إِلى مَدينَةِ يَهوذا؛ وَوَجَدْتُ أَنْتيبوسَ وَرِجالَهُ يَكْدَحونَ بِكُلِّ قُوَّتِهِمْ لِتَحْصينِ الْمَدينَةِ.

١٦ وَكانوا مُنْهَكينَ جَسَدِيًّا وَروحِيًّا لِأَنَّهُمْ قَدْ حارَبوا بِبَسالَةٍ في النَّهارِ وَكَدّوا لَيْلًا لِلْحِفاظِ عَلى مُدُنِهِمْ؛ وَهٰكَذا عانَوْا مِنْ شَتّى الْوَيْلاتِ الْعَظيمَةِ.

١٧ وَكانوا مُصِرّينَ عَلى الِانْتِصارِ في هٰذا الْمَكانِ أَوْ الْمَوْتِ؛ لِذٰلِكَ تَجَدَّدَ أَمَلُهُمْ وَفَرِحوا كَثيرًا بِهٰذا الْجَيْشِ الصَّغيرِ الَّذي أَحْضَرْتُهُ مَعي، أَجَلْ، أَبْنائي هٰؤُلاءِ.

١٨ وَعِنْدَما رَأى اللّامانِيّونَ أَنَّ أَنْتيبوسَ ضَمَّ قُوَّةً أَكْبَرَ لِجَيْشِهِ، أَمَرَهُمْ عَمّورونُ أَلّا يَزْحَفوا إِلى مَدينَةِ يَهوذا لِقِتالِنا.

١٩ وَهٰكَذا وَجَدْنا نِعْمَةً مِنْ عِنْدَ الرَّبِّ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ هاجَمونا في ضُعْفِنا هٰذا فَلَرُبَّما دَمَّروا جَيْشَنا الصَّغيرَ؛ وَلٰكِنَّ الرَّبَّ حَفِظَنا.

٢٠ وَحَدَثَ أَنَّ عَمّورونَ أَمَرَهُمْ بِالْحِفاظِ عَلى ما اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ مِنْ مُدُنٍ. وَهٰكَذا انْتَهَتِ السَّنَةُ السّادِسَةُ وَالْعِشْرونَ. وَبِحُلولِ السَّنَةِ السّابِعَةِ وَالْعِشْرينَ كُنّا قَدْ أَعْدَدْنا مَدينَتَنا وَأَنْفُسَنا لِلدِّفاعِ.

٢١ وَكُنّا نَرْغَبُ في أَنْ يُهاجِمَنا اللّامانِيّونَ فَلَمْ نَكُنْ نَرْغَبُ في الْهُجومِ عَليْهِمْ في حُصونِهِمْ.

٢٢ وَحَدَثَ أَنَّنا وَضَعْنا جَواسيسَ مِنْ حَوْلِنا لِيُراقِبوا تَحَرُّكاتِ اللّامانِيّينَ، حَتّى لا يَتَخَطَّوْنا لَيْلًا أَوْ نَهارًا فَيُهاجِمونَ مُدُنَنا الْأُخْرى الَّتي كانَتْ في الشَّمالِ.

٢٣ لِأَنَّنا كُنّا نَعْلَمُ أَنَّ تِلْكَ الْمُدُنَ لَمْ تَكُنْ قَوِيَّةً بِما يَكْفي لِمُواجَهَتِهِمْ؛ لِذٰلِكَ رَغِبْنا، إِنْ تَخَطَّوْنا، أَنْ نُهاجِمَ مُؤَخَّرَةَ جَيْشِهِمْ فَنُقاتِلُهُمْ مِنَ الْمُؤَخَّرَةِ في ذاتِ الْوَقْتِ الَّذي يُقاتَلونَ فيهِ مِنْ مُقَدِّمَةِ جَيْشِهِمْ. وَافْتَرَضْنا أَنَّهُ بِإِمْكانِنا أَنْ نَتَغَلَّبَ عَلَيْهِمْ؛ لٰكِنْ خابَ أَمَلُنا في تَحْقيقِ رَغْبَتِنا هٰذِهِ.

٢٤ فَلَمْ يَجْرُؤوا عَلى أَنْ يَتَخَطَّوْنا بِجَيْشِهِمْ كُلِّهِ، كَما لَمْ يَجْرُؤوا عَلى فِعْلِ ذٰلِكَ بِقِسْمٍ مِنْهُ خَشْيَةَ أَلّا تَكْفي قُوَّتُهُمْ فَيُهْزَمونَ.

٢٥ كَما أَنَّهُمْ لَمْ يَجْرُؤوا عَلى الزَّحْفِ إِلى مَدينَةِ زَرَحِمْلَةَ؛ وَلَمْ يَجْرُؤوا عَلى عُبورِ مَنْبَعِ نَهْرِ صيدونَ إِلى مَدينَةِ نافيحا.

٢٦ وَهٰكَذا فَقَدْ أَصَرّوا عَلى اسْتِخْدامِ قُوّاتِهِمْ لِلْحِفاظِ عَلى تِلْكَ الْمُدُنِ الَّتي اسْتَوْلَوْا عَلَيْها.

٢٧ وَفي الشَّهْرِ الثّاني مِنْ هٰذِهِ السَّنَةِ، زَوَّدَنا آباءُ أولٰئِكَ الْأَبْناءِ الْأَلْفَيْنِ بِمُؤَنٍ كَثيرَةٍ.

٢٨ وَوَصَلَنا أَيْضًا أَلْفانِ مِنَ الرِّجالِ مِنْ أَرْضِ زَرَحِمْلَةَ. وَهٰكَذا كُنّا مُسْتَعِدّينَ بِعَشَرَةِ آلافِ رَجُلٍ وَمُؤَنٍ لَهُمْ وَلِنِسائِهِمْ وَأَوْلادِهِمْ كَذٰلِكَ.

٢٩ وَعِنْدَما رَأى اللّامانِيّونَ قُوّاتِنا تَزْدادُ يَوْمِيًّا، وَالْمُؤَنَ تَصِلُ لِدَعْمِنا، بَدَأوا يَخافونَ، وَبَدَأوا في الْمُناوَشاتِ كَيْ يَضَعوا حَدًّا لِتَلَقّينا الْمُؤَنَ وَالْقُوّاتِ، إِنْ أَمْكَنَهُمْ ذٰلِكَ.

٣٠ وَعِنْدَما رَأَيْنا أَنَّ اللّامانِيّينَ مُنْزَعِجونَ، أَرَدْنا أَنْ نوقِعَهُمْ بِالْمَكيدَةِ؛ لِذٰلِكَ فَقَدْ أَمَرَ أَنْتيبوسُ بِأَنْ أَسيرَ مَعَ أَبْنائي الشُّبّانِ إِلى مَدينَةٍ مُجاوِرَةٍ مُتَظاهِرينَ أَنَّنا نَحْمِلُ الْمُؤَنَ إِليْها.

٣١ وَكانَ عَلَيْنا أَنْ نَسيرَ بِالْقُرْبِ مِنْ مَدينَةِ أَنْتيبارَةَ مُتَظاهِرينَ بِأَنَّنا مُتَّجِهونَ إِلى الْمَدينَةِ الَّتي تَليها عَلى الْحُدودِ إِلى جانِبِ ساحِلِ الْبَحْرِ.

٣٢ وَحَدَثَ أَنَّنا خَرَجْنا مُتَظاهِرينَ بِأَنَّ مَعَنا مُؤَنًا، لِنَذْهَبَ إِلى الْمَدينَةِ.

٣٣ وَسارَ أَنْتيبوسَ مَعَ جُزْءٍ مِنْ جَيْشِهِ تارِكًا الْبَقِيَّةَ لِلْحِفاظِ عَلى الْمَدينَةِ. لٰكِنَّهُ لَمْ يَسِرْ إِلّا بَعْدَ أَنْ مَضَيْتُ أَنا وَجَيْشي الصَّغيرُ وَاقْتَرَبْنا مِنْ مَدينَةِ أَنْتيبارَةَ.

٣٤ وَكانَ في مَدينَةِ أَنْتيبارَةَ أَقْوى جُيوشِ اللّامانِيّينَ؛ أَجَلِ، أَكْثَرُها عَدَدًا.

٣٥ وَعِنْدَما أَعْلَمَهُمْ جَواسيسُهُمْ بِالْأَمْرِ، خَرَجوا بِجَيْشِهِمْ وَساروا لِمُحارَبَتِنا.

٣٦ وَكانَ أَنَّنا فَرَرْنا مِنْ أَمامِهِمْ نَحْوَ الشَّمالِ. وَهٰكَذا اسْتَدْرَجْنا أَقْوى جُيوشِ اللّامانِيّينَ؛

٣٧ أَجَلِ، اسْتَدْرَجْناهُمْ لِمَسافَةٍ طَويلَةٍ حَتّى أَنَّهُمْ عِنْدَما رَأَوْا جَيْشَ أَنْتيبوسَ يُلاحِقُهُمْ بِقُوَّةٍ لَمْ يَلْتَفِتوا إِلى الْيَمينِ وَلا إِلى الْيَسارِ، بَلْ تابَعوا مَسيرَتَهُمْ في مَسارٍ مُسْتَقيمٍ خَلْفَنا؛ وَكَما افْتَرَضْنا، فَقَدْ كانَتْ نِيَّتُهُمْ قَتْلَنا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُمْ أَنْتيبوسُ، وَذٰلِكَ حَتّى لا يَكونَ رِجالُهُمْ مُحاطينَ بِجُنودِنا.

٣٨ وَلَمّا رَأى أَنْتيبوسُ الْخَطَرَ الَّذي نُواجِهُهُ، أَسْرَعَ في مَسيرَةِ جَيْشِهِ. لٰكِنَّ الْوَقْتَ كانَ لَيْلًا فَلَمْ يُدْرِكونا، كَما أَنَّ أَنْتيبوسَ لَمْ يُدْرِكْهُمْ؛ لِذٰلِكَ بِتْنا في خِيامِنا تِلْكَ اللَّيْلَةَ.

٣٩ وَقَبْلَ بُزوغِ فَجْرِ النَّهارِ، وَجَدْنا أَنَّ اللّامانِيّينَ يَتَعَقَّبونَنا. وَلَمْ نَكُنْ أَقْوِياءَ بِما يَكْفي لِمُواجَهَتِهِمْ؛ أَجَلْ، وَلَمْ أَكُنْ لِأَسْمَحَ لِأَبْنائي الصِّغارِ بِالْوُقوعِ في أَيْديهِمْ؛ لِذٰلِكَ فَقَدْ واصَلْنا مَسيرَتَنا وَاتَّجَهْنا نَحْوَ الْبَرِّيَّةِ.

٤٠ وَلَمْ يَجْرُؤِ اللّامانِيّونَ عَلى الِاتِّجاهِ يَمينًا ولا يَسارًا خَشْيَةَ أَنْ يُحاصَروا؛ وَلَمْ أَتَّجِهْ أَنا نَحْوَ الْيَمينِ أَوِ الْيَسارِ خَشْيَةَ أَنْ يُدِرِكوني، وَلَمْ يَكُنْ بِإِمْكانِنا الصُّمودُ أَمامَهُمْ، فَقَدْ كانوا سَيَقْتُلونَنا ثُمَّ يَهْرُبونَ؛ وَهٰكَذا فَرَرْنا طِوالَ ذٰلِكَ الْيَوْمِ في الْبَرِّيَّةِ حَتّى حَلَّ الظَّلامُ.

٤١ وَمَرَّةً أُخْرى، عِنْدَما أَشْرَقَ عَلَيْنا نورُ الصَّباحِ، رَأَيْنا اللّامانِيّينَ مُقْبِلينَ نَحْوَنا لِيُهاجِمونا فَهَرَبْنا أَمامَهُمْ.

٤٢ لٰكِنَّهُمْ تَعَقَّبونا مَسافَةً قَصيرَةً ثُمَّ تَوَقَّفوا؛ وَكانَ ذٰلِكَ في صَباحِ الْيَوْمِ الثّالِثِ مِنَ الشَّهْرِ السّابِعِ.

٤٣ فَإِنَّنا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ إِنْ كانَ أَنْتيبوسُ قَدْ أَدْرَكَهُمْ، لِذا قُلْتُ لِرِجالي: إِنَّنا لا نَعْلَمُ إِلّا أَنَّهُمْ قَدْ تَوَقَّفوا لِغايَةٍ وَهِيَ أَنْ نُهاجِمَهُمْ حَتّى يوقِعونا في شَرَكِهِمْ؛

٤٤ لِذٰلِكَ، ماذا تَقولونَ أَنْتُمْ يا أَبْنائي، هَلْ تَذْهَبونَ لِمُحارَبَتِهِمْ؟

٤٥ وَأَقولُ لَكَ، يا أَخي الْحَبيبَ موروني، بِأَنَّني لَمْ أَرَ مِثْلَ هٰذِهِ الشَّجاعَةَ الْعَظيمَةَ أَبَدًا بَيْنَ جَميعِ النّافِيّينَ.

٤٦ لِأَنَّني كُنْتُ أَدْعوهُمْ دائِمًا أَبْنائي، لِأَنَّهُمْ كانوا جَميعًا صِغارًا في السِّنِّ، فَقَدْ قالوا لي: يا أَبانا، إِنَّ إِلٰهَنا مَعَنا وَلَنْ يَسْمَحَ بِأَنْ نَسْقُطَ؛ فَلْنَذْهَبْ؛ فَإِنَّنا لا نُقْدِمُ عَلى قَتْلِ إِخْوَتِنا إِنْ تَرَكونا وَشَأْنَنا؛ لِذٰلِكَ دَعْنا نَذْهَبُ لِئَلّا يَتَغَلَّبوا عَلى جَيْشِ أَنْتيبوسَ.

٤٧ إِنَّهُمْ لَمْ يُحارِبوا سابِقًا، لٰكِنَّهُمْ لَمْ يَخْشَوِا الْمَوْتَ؛ وَفَكَّروا في حُرِّيَّةِ آبائِهِمْ أَكْثَرَ مِمّا فَكَّروا في حَياتِهِمْ؛ أَجَلْ، لَقَدْ عَلَّمَتْهُمْ أُمَّهاتُهُمْ أَنَّ اللّٰهَ سَوْفَ يُنَجّيهِمْ إِذا لَمْ يَشُكّوا في قُدْرَتِهِ.

٤٨ وَقَدْ أَعادوا عَلَيَّ كَلِماتِ أَمَّهاتِهِمْ قائِلينَ: إِنَّنا لا نَشُكُّ في أَنَّ أُمَّهاتِنا كُنَّ يَعْلَمْنَ ذٰلِكَ.

٤٩ وَحَدَثَ أَنَّني عُدْتُ مَعَ رِجالي الْأَلْفَيْنِ لِمُواجَهَةِ اللّامانِيّينَ الَّذينَ تَعَقَّبونا. وَوَجَدْنا أَنَّ جُيوشَ أَنْتيبوسَ كانَتْ قَدْ أَدْرَكَتْهُمْ وَاشْتَعَلَتْ مَعْرَكَةٌ رَهيبَةٌ.

٥٠ وَلَمّا كانَ جَيْشُ أَنْتيبوسَ مُنْهَكًا بِسَبَبِ الْمَسيرَةِ الطَّويلَةِ خِلالَ فَتْرَةٍ زَمَنِيَّةٍ قَصيرَةٍ جِدًّا، فَإِنَّ رِجالَهُ كانوا عَلى وَشْكِ الْوُقوعِ في أَيْدي اللّامانِيّينَ؛ وَلَوْلا عَوْدَتي مَعَ رِجالي الْأَلْفَيْنِ لَحَقَّقَ اللّامانِيّونَ غايَتَهُمْ.

٥١ فَقَدْ سَقَطَ أَنْتيبوسُ بِالسَّيْفِ، هُوَ وَالْعَديدُ مِنْ قادَتِهِ بِسَبَبِ التَّعَبِ مِنْ سُرْعَةِ مَسيرَتِهِمْ—لِذٰلِكَ بَدَأَ رِجالُ أَنْتيبوسَ يَتَراجَعونَ أَمامَ اللّامانِيّينَ، فَقَدْ كانوا مُرْتَبِكينَ بِسَبَبِ سُقوطِ قادَتِهِمْ.

٥٢ وَحَدَثَ أَنَّ اللّامانِيّينَ تَشَجَّعوا، وَبَدَأوا يُطارِدونَهُمْ؛ وَكانَ اللّامانِيّونَ يُطارِدونَهُمْ بِقُوَّةٍ شَديدَةٍ عِنْدَما انْقَضَّ حيلامانُ عَلى مُؤَخَّرَتِهِمْ بِرِجالِهِ الْأَلْفَيْنِ، وَبَدَأَ يَفْتِكُ بِهِمْ، حَتّى أَنَّ الْجَيْشَ اللّامانِيَّ بِأَكْمَلِهِ اسْتَدارَ لِمُواجَهَةِ جَيْشِ حيلامانَ.

٥٣ وَعِنْدَما رَأى رِجالُ أَنْتيبوسَ أَنَّ اللّامانِيّينَ تَحَوَّلوا عَنْهُمْ، جَمَعوا رِجالَهُمْ وَهاجَموا مُؤَخَّرَةَ اللّامانِيّينَ مَرَّةً أُخْرى.

٥٤ وَحَدَثَ أَنَّنا نَحْنُ النّافِيّونَ، رِجالُ أَنْتيبوسَ وَأَنا مَعَ رِجالي الْأَلْفَيْنِ، طَوَّقْنا اللّامانِيّينَ وَفَتَكْنا بِهِمْ؛ أَجَلْ، حَتّى أَنَّهُمُ اضْطُرّوا لِتَسْليمِ أَسْلِحَتِهِمِ الْحَرْبِيَّةِ وَتَسْليمِ أَنْفُسِهِمْ كَأَسْرى حَرْبٍ.

٥٥ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّموا أَنْفُسَهُمْ لَنا، أَحْصَيْتُ الشُّبّانَ الَّذينَ حارَبوا مَعي، مُتَخَوِّفًا مِنْ أَنْ يَكونَ قَدْ قُتِلَ كَثيرٌ مِنْهُمْ.

٥٦ لٰكِنْ لِشِدَّةِ فَرَحَي لَمْ تَسْقُطْ مِنْهُمْ نَفْسٌ واحِدَةٌ؛ أَجَلْ، لَقَدْ قاتَلوا بِقُوّةِ اللّٰهِ؛ أَجَلْ، لَمْ نَعْرِفْ أَبَدًا رِجالًا قاتَلوا بِمِثْلِ هٰذِهِ الْقُوَّةِ الْعَجيبَةِ؛ وَانْقَضّوا عَلى اللّامانِيّينَ بِقُوَّةٍ عَظيمَةٍ حَتّى أَرْعَبوهُمْ؛ وَلِهٰذا السَّبَبِ سَلَّمَ اللّامانِيّونَ أَنْفُسَهُمْ لَنا كَأَسْرى حَرْبٍ.

٥٧ وَبِما أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَدَيْنا مَكانٌ لِلْأَسْرى كَيْ نَحْرُسَهُمْ وَنُبْعِدَهُمْ عَنْ جُيوشِ اللّامانِيّينَ، فَإِنَّنا أَرْسَلْناهُمْ إِلى أَرْضِ زَرَحِمْلَةَ—وَمَعَهُمْ فِئَةٌ مِمَّنْ لَمْ يُقْتَلوا مِنْ رِجالِ أَنْتيبوسَ؛ وَأَخَذْتُ الْبَقِيَّةَ وَضَمَمْتُهُمْ إِلى شُبّاني الْعَمّونِيّينَ وَسِرْنا عائِدينَ إِلى مَدينَةِ يَهوذا.