النصوص المقدّسة
ألما ٣٠


الفصل الثلاثون

يسخر كوريحور، الذي هو ضد المسيح، من المسيح والكفارة وروح النبوة—تنص تعاليمه على أنه لا يوجد إله وأن الإنسان لم يسقط وأنه ليس من عقوبة للخطيئة وأنه لا وجود للمسيح—يشهد ألما بأن المسيح سيأتي وبأن كل الأشياء تدل على أن هناك إلهًا—يطلب كوريحور آية ويُصاب بالبكم—يظهر إبليس لكوريحور في صورة ملاك ويعلّمه ما ينبغي أن يقوله—يدوس الناس كوريحور بأقدامهم فيموت. حوالي ٧٦–٧٤ ق.م.

١ بَعْدَ أَنِ اسْتَقَرَّ شَعْبُ عَمّونَ في أَرْضِ جَرْشونَ، أَجَلْ، وَأَيْضًا بَعْدَ طَرْدِ النّافِيّينَ اللّامانِيّينَ مِنَ أَرْضِهِمْ وَبَعْدَ دَفْنِهِمْ لِلْمَوْتى–

٢ وَلَمْ يُحْصَ عَدَدُ قَتْلى اللّامانِيّينَ بِسَبَبِ كَثْرَتِهِمْ؛ كَما لَمْ يُحْصَ عَدَدُ قَتْلى النّافِيّينَ—أَجَلْ، بَعْدَ أَنْ دَفَنوا قَتْلاهُمْ، وَأَيْضًا بَعْدَ أَيّامٍ مِنَ الصَّوْمِ وَالنُّواحِ وَالصَّلاةِ، حَلَّ سَلامٌ دائِمٌ في جَميعِ أَراضيهِمْ (وَكانَ ذٰلِكَ في السَّنَةِ السّادِسَةَ عَشْرَةَ مِنْ حُكْمِ الْقُضاةِ لِشَعْبِ نافي).

٣ أَجَلْ، وَواظَبَ النّاسُ عَلى حِفْظِ وَصايا الرَّبِّ؛ وَكانوا مُلْتَزِمينَ جِدًّا في حِفْظِ مَراسيمِ اللّٰهِ حَسَبَ شَريعَةِ موسى، لِأَنَّهُمْ تَعَلَّموا أَنْ يَحْفَظوا شَريعَةَ موسى حَتّى إِتْمامِها.

٤ وَهٰكَذا لَمْ يَحْدُثْ أَيُّ اضْطِرابٍ بَيْنَ النّاسِ طِوالَ السَّنَةِ السّادِسَةَ عَشْرَةَ مِنْ حُكْمِ الْقُضاةِ لِشَعْبِ نافي.

٥ وَكانَ هُناكَ سَلامٌ دائِمٌ في مَطْلَعِ السَّنَةِ السّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ حُكْمِ الْقُضاةِ.

٦ لٰكِنْ في نِهايَةِ السَّنَةِ السّابِعَةَ عَشْرَةَ جاءَ رَجُلٌ إِلى أَرْضِ زَرَحِمْلَةَ، وَكانَ ضِدَّ الْمَسيحِ، لِأَنَّهُ بَدَأَ يَعِظُ الشَّعْبَ ضِدَّ النُّبوءاتِ الَّتي تَكَلَّمَ بِها الْأَنْبِياءُ بِخُصوصِ مَجيءِ الْمَسيحِ.

٧ وَلَمْ يَكُنْ هُناكَ قانونٌ ضِدَّ حُرِّيَّةِ الْعَقيدَةِ؛ لِأَنَّ وُجودَ قانونٍ يُعامِلُ النّاسَ مُعامَلَةً غَيْرَ مُتَكافِئَةٍ كانَ يَتَعارَضُ تَمامًا مَعَ وَصايا اللّٰهِ.

٨ لِأَنَّهُ هٰكَذا يَقولُ النَّصُّ الْمُقَدَّسُ: اِخْتاروا الْيَوْمَ مَنْ تَعْبُدونَهُ.

٩ فَإِذا أَرادَ إِنْسانٌ أَنْ يَعْبُدَ اللّٰهَ فَقَدْ كانَ ذٰلِكَ مِنْ حَقِّهِ؛ أَوْ بِالْأَحْرى، إِنْ آمَنَ إِنْسانٌ بِاللّٰهِ فَقَدْ كانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْبُدَهُ؛ لٰكِنْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنْ لَمْ يَكُنْ هُناكَ قانونٌ يُعاقِبُهُ.

١٠ لٰكِنَّهُ إِذا قَتَلَ كانَ يُعاقَبُ بِالْمَوْتِ؛ وَإِذا نَهَبَ كانَ يُعاقَبُ أَيْضًا؛ وَإِذا سَرَقَ كانَ يُعاقَبُ أَيْضًا؛ وَإِذا ارْتَكَبَ الزِّنى كانَ يُعاقَبُ أَيْضًا؛ أَجَلْ، كانَ يُعاقَبُ عَلى كُلِّ هٰذِهِ الشُّرورِ.

١١ لِأَنَّهُ كانَ هُناكَ قانونٌ يُدينُ النّاسَ حَسَبَ جَرائِمِهِمْ. وَمَعَ ذٰلِكَ لَمْ يَكُنْ هُناكَ قانونٌ ضِدَّ حُرِّيَّةِ الْعَقيدَةِ؛ لِذٰلِكَ لَمْ يُعاقَبُ أَيُّ إِنْسانٍ إِلّا عَلى الْجَرائِمِ الَّتي ارْتَكَبَها؛ وَلِذٰلِكَ كانَ جَميعُ النّاسِ عَلى قَدَمِ الْمُساواةِ.

١٢ وَأَمّا كوريحورُ هٰذا، وَالَّذي كانَ ضِدَّ الْمَسيحِ وَالَّذي لَمْ يَكُنْ لِلْقانونِ أَيُّ سُلْطَةٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ بَدَأَ يَعِظُ الشَّعْبَ بِأَنَّهُ لَنْ يَكونَ هُناكَ مَسيحٌ. وَعَلى هٰذا النَّحْوِ كانَ يَعِظُ قائِلًا:

١٣ أَيُّها الْمُقَيَّدونَ بِرَجاءٍ أَحْمَقَ وَباطِلٍ، لِماذا تَتَّخِذونَ مِنْ هٰذِهِ الْحَماقاتِ نيرًا لَكُمْ؟ لِماذا تَنْتَظِرونَ مَسيحًا؟ فَإِنَّهُ لا يُمْكِنُ لِلْإِنْسانِ أَنْ يَعْلَمَ ما سَيَأْتي.

١٤ إِنَّ هٰذِهِ الْأَشْياءَ الَّتي تَدْعونَها نُبوءاتٍ، وَالَّتي تَقولونَ إِنَّكُمْ تَناقَلْتُموها عَنْ أَنْبِياءَ قِدّيسينَ، إِنَّما هِيَ تَقاليدُ آبائِكُمُ الْحَمْقاءِ.

١٥ كَيْفَ لَكُمْ أَنْ تَتَأَكَّدوا مِنْ صِحَّتِها؟ إِنَّهُ لا يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَعْرِفوا ما لا تُبْصِرونَهُ؛ لِذٰلِكَ لا يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَعْرِفوا أَنَّهُ سَيَكونُ هُناكَ مَسيحٌ.

١٦ إِنَّكُمْ تَتَطَلَّعونَ قُدُمًا وَتَقولونَ إِنَّكُمْ تَرَوْنَ فِداءً لِخَطاياكُمْ، لٰكِنَّ ذٰلِكَ هُوَ تَأْثيرُ عَقْلٍ مُخْتَلٍّ؛ وَهٰذا التَّشْويشُ في عُقولِكُمْ يَأْتي بِسَبَبِ تَقاليدِ آبائِكُمُ الَّتي أَضَلَّتْكُمْ فَآمَنْتُمْ بِأُمورٍ غَيْرِ واقِعِيَّةٍ.

١٧ وَقَدْ قالَ لَهُمْ أُمورًا أُخْرى كَثيرَةً جِدًّا، مُخْبِرًا إِيّاهُمْ أَنَّهُ لا يُمْكِنُ أَنْ تَكونَ هُناكَ كَفّارَةٌ عَنْ خَطايا الْبَشَرِ، لٰكِنَّ كُلَّ إِنْسانٍ يَسيرُ في هٰذِهِ الْحَياةِ حَسَبَ تَدْبيرِ الْخَلْقِ؛ لِذٰلِكَ يَنْجَحُ كُلُّ إِنْسانِ حَسَبَ نُبوغِهِ؛ وَيَنْتَصِرُ كُلُّ إِنْسانٍ حَسَبَ قُوَّتِهِ؛ وَمَهْما فَعَلَ الْإِنْسانُ فَإِنَّ ذٰلِكَ لَيْسَ جُرْمًا.

١٨ وَهٰكَذا كانَ يَعِظُهُمْ، وَيُضِلُّ قُلوبَ الْكَثيرينَ، وَيَجْعَلُهُمْ يَتَفاخَرونَ بِشُرورِهِمْ، أَجَلْ، وَقادَ كَثيرًا مِنَ النِّساءِ وَكَذٰلِكَ الرِّجالِ في الضَّلالِ لِارْتِكابِ الزِّنى—وَعَلَّمَهُمْ أَنَّهُ إِذا ماتَ الْإِنْسانُ، كانَتْ تِلْكَ نِهايَتَهُ.

١٩ وَذَهَبَ هٰذا الرَّجُلُ أَيْضًا إِلى أَرْضِ جَرْشونَ لِيَعِظَ بِهٰذِهِ الْأُمورِ بَيْنَ قَوْمِ عَمّونَ الَّذينَ كانوا في السّابِقِ مِنَ اللّامانِيّينَ.

٢٠ لٰكِنَّهُمْ كانوا أَكْثَرَ حِكْمَةً مِنَ الْعَديدِ مِنَ النّافِيّينَ؛ فَأَخَذوهُ وَقَيَّدوهُ وَحَمَلوهُ لِيَمْثُلَ أَمامَ عَمّونَ الَّذي كانَ الْكاهِنَ الْعالِيَ لِذٰلِكَ الشَّعْبِ.

٢١ وَأَمَرَ بِإِبْعادِهِ عَنْ أَرْضِ جَرْشونَ. فَجاءَ إِلى أَرْضِ جِدْعونَ وَبَدَأَ يَعِظُهُمْ أَيْضًا؛ وَهُناكَ لَمْ يُحَقِّقِ الْكَثيرَ مِنَ النَّجاحِ لِأَنَّهُمْ أَخَذوهُ وَقَيَّدوهُ وَحَمَلوهُ لِيَمْثُلَ أَمامَ الْكاهِنِ الْعالي وَكَذٰلِكَ أَمامَ رَئيسِ الْقُضاةِ عَلى أَرْضِ جَرْشونَ.

٢٢ وَقالَ لَهُ الْكاهِنُ الْعالي: لِماذا تَجولُ مُحَرِّفًا سُبُلَ الرَّبِّ؟ لِماذا تُعَلِّمُ أَبْناءَ هٰذا الشَّعْبِ أَنَّهُ لَنْ يَكونَ هُناكَ مَسيحٌ فَتَمْنَعُ فَرَحَهُمْ؟ لِماذا تَتَكَلَّمُ بِالسّوءِ عَنْ كُلِّ نُبوءاتِ الْأَنْبِياءِ الْقِدّيسينَ؟

٢٣ وَكانَ اسْمُ الْكاهِنِ الْعالي جِدّونا. وَقالَ لَهُ كوريحورُ: لِأَنَّني لا أُعَلِّمُ تَقاليدَ آبائِكُمُ الْحَمْقاءَ، وَلِأَنَّني لا أُعَلِّمُ أَبْناءَ هٰذا الشَّعْبِ أَنْ يُقَيِّدوا أَنْفُسَهُمْ تَحْتَ ثِقْلِ الْمَراسيمِ وَالطُّقوسِ الْحَمْقاءِ الَّتي وَضَعَها الْكَهَنَةُ الْقُدامى لِاغْتِصابِ الْقُوَّةِ وَالسُّلْطَةِ، وَلِإِبْقاءِ النّاسِ في الْجَهْلِ، حَتّى لا يَرْفَعوا رُؤوسَهُمْ بَلْ لِيَقْهَرَهُمُ الْكَهَنَةُ حَسَبَ كَلامِكَ.

٢٤ أَنْتُمْ تَقولونَ إِنَّ هٰذا الشَّعْبَ حُرٌّ. وَأَنا أَقولُ إِنَّهُ مُسْتَعْبَدٌ. أَنْتُمْ تَقولونَ إِنَّ هٰذِهِ النُّبوءاتِ الْقَديمَةَ حَقٌّ. وَأَنا أَقولُ إِنَّكُمْ لا تَعْلَمونَ أَنَّها حَقٌّ.

٢٥ أَنْتُمْ تَقولونَ إِنَّ هٰذا الشَّعْبَ هُوَ شَعْبٌ مُذْنِبٌ وَساقِطٌ بِسَبَبِ تَعَدّي الْأَبَوَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ. وَأَنا أَقولُ إِنَّ الْوَلَدَ لا يَحْمِلُ ذَنْبَ أَبَوَيْهِ.

٢٦ وَأَنْتُمْ أَيْضًا تَقولونَ إِنَّ الْمَسيحَ سَيَأْتي، لٰكِنَّني أَقولُ إِنَّكُمْ لا تَعْلَمونَ أَنَّهُ سَيَكونُ هُناكَ مَسيحٌ. وَتَقولونَ أَيْضًا إِنَّهُ سَوْفَ يُقْتَلُ لِأَجْلِ خَطايا الْعالَمِ—

٢٧ وَهٰكَذا تُضِلّونَ أَبْناءَ هٰذا الشَّعْبِ حَسَبَ تَقاليدِ آبائِكُمُ الْحَمْقاءِ وَشَهَواتِكُمْ؛ وَتَقْهَرونَهُمْ كَما لَوْ كانوا مُسْتَعْبَدينَ كَيْ تَتَنَعَّموا أَنْتُمْ بِعَمَلِ أَيْديهِمْ، فَلا يَجْرُؤونَ عَلى رَفْعِ نَظَرِهِمْ بِجَسارَةٍ، وَلا يَجْرُؤونَ عَلى التَّمَتُّعِ بِحُقوقِهِمْ وَامْتِيازاتِهِمْ.

٢٨ أَجَلْ، لا يَجْرُؤونَ عَلى الِاسْتِفادَةِ مِمّا هُوَ مِلْكُهُمْ، لِئَلّا يُسيئوا إِلى كَهَنَتِهِمْ، وَهُمُ الَّذينَ كانوا يُسَيِّرونَهُمْ كَما يَشاؤونَ وَيَجْعَلونَهُمْ يُؤْمِنونَ بِأَنَّهُ ما لَمْ يفْعَلوا ما يَقولونَهُ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ بِذٰلِكَ يُسيئونَ إِلى كائِنٍ مَجْهولٍ يَقولونَ إِنَّهُ اللّٰهُ، وَهُوَ كائِنٌ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَحَدٌ قَطُّ وَلَمْ يَكُنْ أَبَدًا ولَنْ يَكونَ أَبَدًا، وَقَدْ فَعَلَ الكَهَنَةُ ذٰلِكَ مُتَّبِعينَ تَقاليدَهُمْ وَأَحْلامَهُمْ وَأَهْواءَهُمْ وَرُؤاهُمْ وَأَسْرارَهُمُ الَّتي ابْتَدَعوها.

٢٩ فَلَمّا رَأى الْكاهِنُ الْعالي وَرَئيسُ الْقُضاةِ قَسْوَةَ قَلْبِهِ، أَجَلْ، عِنْدَما شاهَدا أَنَّهُ وَصَلَ بِهِ الْحَدُّ إِلى شَتْمِ اللّٰهِ، لَمْ يَرْغَبا في الرَّدِّ عَلى كَلامِهِ؛ لٰكِنَّهُما أَمَرا بِأَنْ يُقيَّدَ؛ وَسَلَّماهُ إِلى أَيْدي الْمَسْؤولينَ وَأَرْسَلاهُ إِلى أَرْضِ زَرَحِمْلَةَ لِيَمْثُلَ أَمامَ أَلْما وَرَئيسِ الْقُضاةِ الَّذي كانَ حاكِمًا عَلى كُلِّ أَرْضِ النّافِيّينَ.

٣٠ وَعِنْدَما مَثَلَ أَمامَ أَلْما وَرَئيسِ الْقُضاةِ، واصَلَ حَديثَهُ عَلى نَفْسِ النَّحْوِ كَما فَعَلَ في أَرْضِ جِدْعونَ؛ أَجَلْ، واصَلَ التَّجْديفَ عَلى اللّٰهِ.

٣١ وَاسْتَعْلى بِكَلامٍ مُتَعَجْرِفٍ أَمامَ أَلْما، وَأَهانَ الْكَهَنَةَ وَالْمُعَلِّمينَ، مُتَّهِمًا إِيّاهُمْ بِتَضْليلِ النّاسِ لِيَتْبَعوا تَقاليدَ الْآباءِ السَّخيفَةَ، لِكَيْ يُتْخِموا أَنْفُسَهُمْ عَلى حِسابِ جُهْدِ الشَّعْبِ.

٣٢ وَقالَ لَهُ أَلْما: أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّنا لا نُتْخِمُ أَنْفُسَنا عَلى حِسابِ جُهْدِ هٰذا الشَّعْبِ؛ فَإِنَّني قَدْ عَمِلْتُ بِيَدَيَّ مُنْذُ بَدْءِ حُكْمِ الْقُضاةِ حَتّى الْآنَ لِكَفافِ نَفْسي بِالرَّغْمِ مِنْ أَسْفاري الْكَثيرَةِ في أَرْجاءِ الْأَرْضِ لِإِعْلانِ كَلِمَةِ اللّٰهِ لِشَعْبي.

٣٣ وَرَغْمَ الْأَعْمالِ الْعَديدَةِ الَّتي قُمْتُ بِها في الْكَنيسَةِ فَإِنَّني لَمْ آخُذْ حَتّى سَنينًا واحِدًا مُقابِلَ عَمَلي؛ وَإِخْوَتي أَيْضًا لَمْ يَأْخُذوا شَيْئًا، إِلّا مَنْ كانَ عَلى كُرْسِيِّ الْقَضاءِ؛ وَعِنْدَئِذٍ فَإِنَّنا قَبِلْنا أَجْرَنا مُقابِلَ وَقْتِنا فَقَطْ، وَذٰلِكَ حَسَبَ الْقانونِ.

٣٤ فَإِنْ كُنّا لا نَأْخُذْ شَيْئًا مُقابِلَ أَعْمالِنا في الْكَنيسَةِ فَما هُوَ انْتِفاعُنا مِنَ الْعَمَلِ في الْكَنيسَةِ سِوى إِعْلانِ الْحَقِّ لِنَفْرَحَ بِابْتِهاجِ إِخْوَتِنا؟

٣٥ فَلِماذا تَقولُ إِنَّنا نَكْرِزُ لِهٰذا الشَّعْبِ كَيْ نَحْصُلَ عَلى رِبْحٍ، بَيْنَما تَعْلَمُ أَنْتَ أَنَّنا لا نَحْصُلُ عَلى رِبْحٍ؟ هَلْ تَعْتَقِدُ أَنَّنا نَخْدَعُ أَبْناءَ هٰذا الشَّعْبِ فَيَتَسَبَّبُ ذٰلِكَ في بَهْجَةٍ كَهٰذِهِ في قُلوبِهِمْ؟

٣٦ فَأَجابَهُ كوريحورُ: نَعَمْ.

٣٧ ثُمَّ قالَ لَهُ أَلْما: أَتُؤْمِنُ بِوُجودِ إِلٰهٍ؟

٣٨ فَأَجابَ، كَلّا.

٣٩ وَقالَ لَهُ أَلْما: أَتُنْكِرُ ثانِيَةً أَنَّ هُناكَ إِلٰهًا، وَتُنْكِرُ الْمَسيحَ أَيْضًا؟ فَإِنّي أَقولُ لَكَ: أَنا أَعْلَمُ أَنَّ هُناكَ إِلٰهًا وَأَنَّ الْمَسيحَ سَيَأْتي أَيْضًا.

٤٠ ما هُوَ دَليلُكَ عَلى عَدَمْ وُجودِ إِلٰهٍ أَوْ أَنَّ الْمَسيحَ لَنْ يَأْتِيَ؟ إِنّي أَقولُ لَكَ: لَيْسَ لَدَيْكَ دَليلٌ سِوى كَلِمَتِكَ فَقَطْ.

٤١ لٰكِنْ بِالنِّسْبَةِ لي فَإِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَشْهَدُ عَلى أَنَّ هٰذِهِ الْأُمورَ حَقٌّ؛ وَأَنْتَ أَيْضًا لَدَيْكَ كُلُّ شَيْءٍ يَشْهَدُ عَلى أَنَّها حَقٌّ؛ وَهَلْ سَتُنْكِرُها؟ أَتُؤْمِنُ بِأَنَّ هٰذِهِ الْأُمورَ حَقٌّ؟

٤٢ إِنَّني أَعْلَمُ بِأَنَّكَ تُؤْمِنُ، لٰكِنَّ روحًا كاذِبَةً تَمَلَّكَتْكَ، وَقَدْ نَزَعْتَ عَنْكَ روحَ اللّٰهِ فَلَمْ يَعُدْ لَهُ مَكانٌ فيكَ، بَلْ أَصْبَحَ لِإِبْليسَ سُلْطانٌ عَلَيْكَ، وَهُوَ يُسَيِّرُكَ وَيَسْتَخْدِمُ حِيَلًا لِيُهْلِكَ أَبْناءَ اللّٰهِ.

٤٣ فَقالَ كوريحورُ لِأَلْما: إِنْ أَظْهَرْتَ لي آيَةً كَيْ أَقْتَنِعَ بِوُجودِ إِلٰهٍ، أَجَلْ، أَظْهِرْ لي بِأَنَّ لَدَيْهِ قُوَّةً، وَعِنْدَها سَأَقْتَنِعُ بِصِدْقِ كَلامِكَ.

٤٤ لٰكِنَّ أَلْما قالَ لَهُ: كَفاكَ آياتٍ؛ هَلْ تُجَرِّبُ اللّٰهَ؟ أَتَقولُ: أَرِني آيَةً، وَلَدَيْكَ شَهادَةُ جَميعِ إِخْوَتِكَ هٰؤُلاءِ وَجَميعِ الْأَنْبِياءِ الْقِدّيسينَ أَيْضًا؟ اَلْأَسْفارُ الْمُقَدَّسَةُ مَفْتوحَةٌ أَمامَكَ، أَجَلْ، وَكُلُّ هٰذِهِ الْأُمورِ تَدُلُّ عَلى وُجودِ إِلٰهٍ؛ أَجَلْ، حَتّى الْأَرْضُ وَكُلُّ ما عَلى وَجْهِها، أَجَلْ، وَحَرَكَتُها، أَجَلْ، وَكَذٰلِكَ جَميعُ الْكَواكِبِ الَّتي تَدورُ في أَفْلاكِها الْمُنْتَظِمَةِ تَشْهَدُ عَلى وُجودِ خالِقٍ أَعْظَمَ.

٤٥ وَمَعَ ذٰلِكَ فَإِنَّكَ تَجولُ مُضِلًّا قُلوبَ أَبْناءِ هٰذا الشَّعْبِ، وَتَشْهَدُ لَهُمْ بِأَنَّهُ لا يوجَدُ إِلٰهٌ؟ هَلْ سَتُنْكِرُ كُلَّ هٰؤُلاءِ الشُّهودِ؟ فَأَجابَ: نَعَمْ، سَأُنْكِرُ إِنْ لَمْ تُرِني آيَةً.

٤٦ فَقالَ لَهُ أَلْما: إِنَّني حَزينٌ بِسَبَبِ قَسْوَةِ قَلْبِكَ، أَجَلْ، لِأَنَّكَ سَتَظَلُّ تُقاوِمُ روحَ الْحَقِّ حَتّى تَهْلِكَ نَفْسُكَ.

٤٧ وَلٰكِنْ أَنْ تَضِلَّ نَفْسُكَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ تَكونَ وَسيلَةً لِإيقاعِ نُفوسٍ كَثيرَةٍ في الْهَلاكِ بِكِذْبِكَ وَكَلامِكَ الْمُرائي؛ لِذٰلِكَ إِنْ أَنْكَرْتَ مَرَّةً أُخْرى فَإِنَّ اللّٰهَ يُصيبُكَ بِالْبَكَمِ حَتّى لا تَفْتَحَ فاكَ بَعْدَ ذٰلِكَ أَبَدًا، حَتّى لا تَخْدَعَ هٰذا الشَّعْبَ فيما بَعْدُ.

٤٨ وَقالَ لَهُ كوريحورُ: إِنّي لا أُنْكِرُ وُجودَ إِلٰهٍ لٰكِنّي لا أُومِنُ بِوُجودِ إِلٰهٍ، وَأَقولُ أَيْضًا بِأَنَّكَ لَسْتَ مُتَيَقِّنًا مِنْ وُجودِ إِلٰهٍ؛ وَإِنْ لَمْ تُرِني آيَةً فَلَنْ أومِنَ.

٤٩ وَقالَ أَلْما لَهُ: سَأُعْطيكَ هٰذا كَآيَةٍ، أَنَّكَ سَتُصابُ بِالْبَكَمِ كَما قُلْتُ لَكَ؛ وَأَقولُ بِاسْمِ اللّٰهِ: يَضْرِبُكَ الْبَكَمُ فَلا تَنْطُقُ بَعْدَ الْآنَ.

٥٠ وَعِنْدَما قالَ أَلْما هٰذِهِ الْكَلِماتِ أُصيبَ كوريحورُ بِالْبَكَمِ، فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ النُّطْقِ وَفْقًا لِقَوْلِ أَلْما.

٥١ وَلَمّا رَأى رَئيسُ الْقُضاةِ ذٰلِكَ مَدَّ يَدَهُ وَكَتَبَ لِكوريحورَ قائِلًا: هَلِ اقْتَنَعْتَ بِقُدْرَةِ اللّٰهِ؟ مَنْ أَرَدْتَ أَنْ يُظْهِرَ أَلْما آيَتَهُ فيهِ؟ أَتُريدُ أَنْ يَبْتَلِيَ آخَرينَ لِيُظْهِرَ لَكَ آيَةً؟ هُوَذا قَدْ أَظْهَرَ لَكَ آيَةً؛ وَالْآنَ هَلْ سَتَسْتَمِرُّ في الْجِدالِ؟

٥٢ وَمَدَّ كوريحورُ يَدَهُ وَكَتَبَ قائِلًا: أَعْلَمُ أَنّي أَبْكَمُ لِأَنّي لا أَسْتَطيعُ الْكَلامَ؛ وَأَعْلَمُ أَنَّهُ لا يُمْكِنُ لِشَيْءٍ أَنْ يُصيبَني بِذٰلِكَ سِوى قُوَّةِ اللّٰهِ؛ أَجَلْ، وَكُنْتُ دائِمًا أَعْلَمُ بِوُجودِ إِلٰهٍ.

٥٣ لٰكِنَّ إِبْليسَ قَدْ خَدَعَني؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لي في صورَةِ مَلاكٍ وَقالَ لي: اِذْهَبْ وَاسْتَرِدَّ أَبْناءَ هٰذا الشَّعْبِ، لِأَنَّهُمْ جَميعًا قَدْ ضَلّوا وَراءَ إِلٰهٍ مَجْهولٍ. وَقالَ لي: لا يوجَدُ إِلٰهٌ؛ أَجَلْ، وَعَلَّمَني ما يَنْبَغي أَنْ أَقولَهُ. وَقَدْ عَلَّمْتُ كَلِماتِهِ لِلنّاسِ؛ وَقَدْ عَلَّمْتُها لِلنّاسِ لِأَنَّها كانَتْ تُرْضي الْأَهْواءَ الْجَسَدِيَّةَ؛ وَقَدْ عَلَّمْتُها لِلنّاسِ حَتّى حَقَّقْتُ الْكَثيرَ مِنَ النَّجاحِ، حَتّى أَنَّني صَدَّقْتُ بِأَنَّ كَلِماتِهِ حَقٌّ؛ وَلِهٰذا السَّبَبِ قاوَمْتُ الْحَقَّ إِلى أَنْ جَلَبْتُ عَلى نَفْسي هٰذِهِ اللَّعْنَةَ الْعَظيمَةَ.

٥٤ وَعِنْدَما قالَ ذٰلِكَ طَلَبَ مِنْ أَلْما أَنْ يُصَلِّيَ إِلى اللّٰهِ حَتّى تُرْفَعَ عَنْهُ اللَّعْنَةُ.

٥٥ لٰكِنَّ أَلْما قالَ لَهُ: إِذا رُفِعَتْ عَنْكَ هٰذِهِ اللَّعْنَةُ فَإِنَّكَ سَتُضِلُّ قُلوبَ هٰذا الشَّعْبِ مَرَّةً أُخْرى؛ لِذٰلِكَ لِيَحِلَّ بِكَ ما يُريدُهُ الرَّبُّ.

٥٦ وَكانَ أَنَّ اللَّعْنَةَ لَمْ تُرْفَعْ عَنْ كوريحورَ؛ بَلْ طُرِدَ وَمَضى يَجولُ مِنْ بَيْتٍ إِلى بَيْتٍ مُسْتَجْدِيًا طَعامَهُ.

٥٧ وَذاعَ عَلى الْفَوْرِ خَبَرُ ما حَدَثَ لِكوريحورَ في كُلِّ مَكانٍ؛ أَجَلْ، أَرْسَلَ رَئيسُ الْقُضاةِ إِعْلانًا إِلى جَميعِ النّاسِ مُعْلِنًا لِأولٰئِكَ الَّذينَ آمَنوا بِكَلِماتِ كوريحورَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتوبوا سَريعًا لِئَلّا تَحِلَّ عَلَيْهِمْ نَفْسُ الْأَحْكامِ.

٥٨ فَاقْتَنَعوا جَميعًا بِأَنَّ كوريحورَ كانَ شِرّيرًا؛ لِذٰلِكَ رَجَعوا جَميعُهُمْ مَرَّةً أُخْرى إِلى الرَّبِّ؛ وَوَضَعَ ذٰلِكَ حَدًّا لِشَرِّ تَعاليمِ كوريحورَ. وَكانَ كوريحورُ يَجولُ مِنْ بَيْتٍ إِلى بَيْتٍ مُسْتَجْدِيًا طَعامًا لِحاجَتِهِ.

٥٩ وَكانَ يَجولُ بَيْنَ قَوْمٍ أَطْلَقوا عَلى أَنْفُسِهِمِ اسْمَ الزّورامِيّينَ، وَهُمْ قَوْمٌ عَزَلوا أَنْفُسَهُمْ عَنِ النّافِيّينَ؛ وَكانَ يَقودُهُمْ رَجُلٌ اسْمُهُ زورامُ. وَبَيْنَما كانَ كوريحورُ يَجولُ بَيْنَهُمْ، داسوهُ وَسَحَقوهُ حَتّى ماتَ.

٦٠ وَهٰكَذا نَرى نِهايَةَ مَنْ يُحَرِّفُ طُرُقَ الرَّبِّ؛ وَهٰكَذا نَرى أَنَّ إِبْليسَ لَنْ يُسانِدَ أَبْناءَهُ في الْيَوْمِ الْأَخيرِ، بَلْ يَجُرُّهُمْ بِسُرْعَةٍ إِلى الْجَحيمِ.