يسوع المسيح: راعي أرواحنا
أصدقائي الأعزاء، أشهد لكم أنه عندما نتوب بصدق عن خطايانا،٢١ فاننا نسمح لأضحية المسيح الكفارية أن تصبح فعالة تمامًا في حياتنا.
إخوتي وأخواتي الأعزاء، في صباح عيد الفصح هذا يبتهج قلبي بتذكر أروع وأعظم عمل ولا يمكن قياسه في التاريخ البشري كله—الأضحية الكفارية لربنا يسوع المسيح. إن كلمات النبي إشعياء المشهورة تمجد عظمة المخلص وتفانيه في تنازله وتضحيته من أجل جميع أبناء الله:
”حقا حمل أحزاننا وتحمل أوجاعنا، ونحن حسبنا أن الرب قد عاقبه وأذله.
”الا أنه كان مجروحا من أجا آثامنا ومسحوقا من أجل معاصينا، حل به تأديب سلامنا، وبجراحه برئنا“.١
في حمله خطايا البشرية جمعاء طواعية، وتعرضه للصلب بقسوة على الصليب، وانتصاره على الموت في اليوم الثالث،٢ أعطى يسوع أهمية أكثر قدسية لمرسوم الفصح الذي مُنح لشعب إسرائيل في الأزمنة القديمة.٣ في اتمام النبوءة، قدم جسده ودمه الثمين كأضحية عظيمة وأخيرة،٤ مثبتا صحة الرموز التقليدية المستخدمة في الاحتفال بالفصح الرباني.٥ وبذلك، اختبر المسيح آلامًا جسدية وروحية لا يفهمها العقل البشري. قال المخلص نفسه:
”لأني، أنا الله، قد قاسيت كل هذه الأشياء من أجل الجميع، …
”وهذا العذاب جعلني أنا، حتى الله أعظم الجميع، أرتجف بسبب الألم فجعل الدم ينزف من كل مسامة فأقاسي جسديّا وروحيّا— حتى وددت أن لا أشرب الكأس المرّ وأن أنكمش—
”ورغم ذلك، المجد للآب، فانني تناولت وأكملت الاعداد لبني البشر“.٦
حقق المسيح مشيئة الآب بالنعمة٧ من خلال أضحيته اللانهائية والرحيمة. لقد تغلب على شوكة الموت الجسدي والروحي،٨ الذي دخل إلى العالم بواسطة السقوط،٩ مقدما لنا الإمكانية المجيدة للخلاص الأبدي.١٠
كان يسوع هو الشخص الوحيد القادر على اتمام هذه الأضحية الأبدية والكاملة من أجلنا جميعًا.١١ تم اختياره وتعيينه مسبقًا في المجلس الأعظم في السماء، حتى قبل تشكيل العالم.١٢ علاوة على ذلك، من خلال ولادته من امرأة فانية، ورث الموت الجسدي، ولكن من الله، بصفته الابن الوحيد المولود من الآب، ورث السلطة على وضع حياته ومن ثم استعادتها مرة أخرى.١٣ بالإضافة إلى ذلك، عاش المسيح حياة كاملة بلا عيب، وبالتالي كان مستثنى من متطلبات العدالة الإلهية.١٤ في بعض المناسبات علم النبي جوزيف سميث:
”لا يمكن أن يأتي الخلاص إلى العالم بدون وساطة يسوع المسيح.
”أعد … الله أضحية هي هبة ابنه، والذي كان سيُرسَل في وقته المناسب …وسيفتح بابا يمكن للإنسان من خلاله الدخول إلى محضر الله“.١٥
على الرغم من أن المخلص أزال آثار الموت الجسدي بدون شرط من خلال أضحيته،١٦ لكنه لم يلغ مسؤوليتنا الشخصية في التوبة عن الخطايا التي نرتكبها.١٧ بل إنه وجه إلينا دعوة خاصة لكي نتصالح مع أبينا الأبدي. من خلال يسوع المسيح وأضحيته الكفارية، يمكننا أن نختبر تغييرًا هائلاً في الفكر والقلب، مما يجلب موقفًا جديدًا تجاه الله والحياة بشكل عام.١٨ عندما نتوب بصدق عن خطايانا، ونوجه قلوبنا وإرادتنا إلى الله ووصاياه، يمكننا أن ننال مغفرته ونشعر بتأثير روحه القدس بوفرة أكبر. لحسن الحظ، نتجنب الشعور بعمق الآلام التي تحمَّلها المخلص.١٩
هبة التوبة هي تعبير عن عطف الله تجاه أبنائه وإثبات لقدرته التي لا تُضاهى لمساعدتنا في التغلب على الخطايا التي نرتكبها. إنه أيضًا دليل على صبر أبينا المحب وطول أناته نحو ضعفاتنا وعثراتنا الجسدية. أشار الرئيس رسل م. نلسن، نبينا الحبيب، إلى هذه الهبة على أنها ”مفتاح السعادة وراحة البال“.٢٠
أصدقائي الأعزاء، أشهد لكم أنه عندما نتوب بصدق عن خطايانا،٢١ فاننا نسمح لأضحية المسيح الكفارية أن تصبح فعالة تمامًا في حياتنا.٢٢ سوف نتحرر من عبودية الخطية، ونجد الفرح في رحلتنا الأرضية، ونصبح مؤهلين لنيل الخلاص الأبدي، الذي تم إعداده منذ تأسيس العالم لكل من يؤمن بيسوع المسيح ويأتي إليه.٢٣
بالإضافة إلى هذه الهبة العظيمة، يقدم لنا المخلص أيضًا التعزية والراحة بينما نواجه آلامنا والاغراءات وضعفاتنا في الحياة الأرضية، بما في ذلك الظروف التي عشناها مؤخرًا في الوباء الحالي. أستطيع أن أؤكد لكم أن المسيح يدرك دائمًا الشدائد التي نختبرها في الحياة الفانية. إنه يفهم كل المرارة والعذاب والألم الجسدي بالإضافة إلى التحديات العاطفية والروحية التي نواجهها. ان أحشاء المخلص مملوءة بالرحمة، وهو مستعد دائمًا لمساعدتنا. هذا ممكن لأنه اختبر بنفسه وحمل في الجسد ألم ضعفاتنا وعيوبنا.٢٤
بوداعة قلب وتواضع نزل تحت كل شيء وقَبِلَ أن يحتقره الناس ويرفضوه ويهينوه فيكون مجروحًا من أجل معاصينا وآثامنا. لقد قاسى هذه الأشياء من أجل الجميع، وحمل كل خطايا العالم،٢٥ وبذلك صار راعينا الروحي الأعظم.
عندما نقترب منه، ونسلم أنفسنا روحيًا لرعايته، سنكون قادرين على حمل نيره، وهو هين، وحمله خفيف، وبالتالي نجد التعزية والراحة الموعودتين. علاوة على ذلك، سنحصل على القوة التي نحتاجها جميعًا للتغلب على المصاعب، والضعفات وأحزان الحياة، والتي سيكون من الصعب جدًا تحملها بدون مساعدته وقدرته على الشفاء.٢٦ تعلمنا الأسفار المقدسة أنه ”الق على الرب همك وهو يعتني بك“.٢٧ ”فَلْيَخْلَعِ ٱللهُ [عَلَيْنا] مِنْ بَهْجَةِ [ٱبْنِهِ] مَا يُخَفِّفُ [أَحْمَالَنا]“.٢٨
قبل نهاية العام الماضي، علمت بوفاة زوجين عزيزين، ماريو وريجينا إمريك، اللذين كانا مخلصين جدًا للرب وتوفيا يفصلهما أربعة أيام عن بعضهما البعض، بسبب مضاعفات كوفيد-١٩.
أخبرني أحد أبنائهما، وهو يعمل حاليًا أسقفًا في البرازيل، بما يلي: ”كان من الصعب جدًا رؤية والديّ يغادران هذا العالم في هذه الحالة، لكن كان بإمكاني أن أشعر بوضوح بيد الرب في حياتي وسط تلك المأساة، لأني تلقيت قوة وسلامًا يفوقان فهمي. من خلال إيماني بيسوع المسيح وكفارته، تلقيت مساعدة إلهية لتقوية وتعزية أفراد عائلتي وجميع أولئك الذين ساعدونا خلال هذه التجربة الشاقة. على الرغم من أن المعجزة التي كان يأملها الجميع لم تحدث، فأنا شخصيًا شاهد على التغيير الذي حدث في حياتي وفي حياة أفراد عائلتي. شعرت بسلام لا يمكن تفسيره اخترق أعماق قلبي، وأعطاني الأمل والثقة في محبة المخلص لي وفي خطة السعادة الالهية لأبنائه. لقد تعلمت أنه في أكثر الأيام حزنا، دائمًا تمتد ذراعي المُخلص المحبتين عندما نسعى إليه بكل قلوبنا وقدرتنا وعقولنا وقوتنا.
إخوتي وأخواتي الأعزاء، في أحد عيد الفصح هذا، أشهد أن يسوع قام من بين الأموات وأنه حي. أشهد لكم أنه من خلال المخلص وفي أضحيته الكفارية، أعطانا الطريق للتغلب على الموت جسديًا وروحيًا. بالإضافة إلى هذه البركات العظيمة، فهو يقدم لنا أيضًا الراحة والطمأنينة في الأوقات الصعبة. أؤكد لكم أنه بينما نضع ثقتنا في يسوع المسيح وكفارته، مع ثباتنا في إيماننا حتى النهاية، سننال وعود أبينا السماوي المحب، الذي هو على استعداد لفعل كل ما في وسعه لمساعدتنا على العودة إلى محضره ذات يوم. إن ذلك هو عمله ومجده.٢٩ أشهد لكم أن يسوع هو المسيح، وفادي العالم، والمسيا الموعود، والقيامة والحياة.٣٠ أشارككم هذا الحق باسمه القدوس، المولود الوحيد من الآب، ربنا يسوع المسيح، آمين.