المؤتمر العام
لكننا لا نأبه
المؤتمر العام نيسان/ أبريل ٢٠٢٢


12:59

لكننا لا نأبه

(١ نافي ٨: ٣٣)

ترشدنا عهودنا ومراسيمنا إلى الرب يسوع المسيح وتساعدنا دائمًا على تذكر ارتباطنا به ونحن نتقدم على درب العهد.

زوجتي سوزان وأبناؤنا الثلاثة وزوجاتهم وجميع أحفادنا والشيخ كونتن ل. كوك، جاري على مقاعد الرسل الاثني عشر منذ ما يقرب من ١٥ عامًا، سيشهد كل هؤلاء بسهولة بأنني لا أحسن الغناء. لكن على الرغم من افتقاري إلى موهبة الصوت الجميل، فإنني أحب أن أغني ترانيم الاستعادة. إن الجمع بين الكلمات الملهمة والألحان المهيبة يساعدني على تعلم مبادئ الإنجيل الأساسية ويؤثر في روحي.

إحدى الترانيم التي باركت حياتي بطرق رائعة هي ”فلنتقدم“. لقد كنت أفكر مؤخرًا وأتعلم عن عبارة معينة في لازمة تلك الترنيمة. ”لن نأبه بكلام الأشرار، وصية الرب وحده نختار“١.

لن نأبه

عندما أغني كلمة ”فلنتقدم“ في الترنيمة، فإنني غالبا ما أفكر بالناس في رؤيا النبي لاحي وهم يتقدمون على الطريق إلى شجرة الحياة والذين لم يقوموا بمجرد ”التمسك“٢ ولكنهم واصلوا ”التَّشَبُّثَ بِالْقَضيبِ الْحَديدِيِّ، إِلى أَنْ وَصَلوا وَخَرّوا وَتَناوَلوا مِنْ ثِمارِ الشَّجَرَةِ.“٣ وصف لاحي الجموع التي كانت في البناء العظيم الواسع الذين كانوا يشيرون ”بِأَصابِعِ الِاحْتِقارِ [إليه]وَلِمَنْ كانوا يَتَناوَلونَ مِنَ الثِّمارِ.“٤. كان رده على السخرية والشتائم رائعا ولا يُنسى. ”وَلٰكِنَّنا لَمْ نُعِرْهُمُ اهْتِمامًا.“٥

أدعو الله أن يبارك الروح القدس وينير كل واحد منا خلال تفكيرنا معًا في كيفية حصولنا على القوة ”لتجاهل“ التأثيرات الشريرة والأصوات الساخرة في العالم المعاصر الذي نعيش فيه.

لا تأبه

كلمة ”نأبه“ تشير إلى إعارة الاهتمام إلى شيء ما أو شخص ما. لذلك، فإن كلمات الترنيمة ”فلنتقدم“ تحثنا على اتخاذ قرار حاسم بألا نأبه بما ”يقوله الأشرار.“ ويقدم لاحي ومن معه ممن كانوا يتناولون ثمار الشجرة مثالًا قويًا على عدم إعارة الاهتمام إلى السخرية والازدراء التي كثيرًا ما تأتي من المبنى الكبير والواسع.

عقيدة المسيح المكتوبة ”بروح الله الحي …في طاولات لحمية [قلوبنا]“٦ تزيد من قدرتنا على ”عدم الانتباه“ لما في عالمنا الساقط من مصادر كثيرة لتشتيت وَعيِنا والسخرية منا وإلهائنا. مثلا، الإيمان المرتكز على الرب يسوع المسيح وفيه يحصننا بالقوة الروحية. الإيمان بالفادي هو مبدأ عمل وقوة. عندما نتصرف وفقًا لحقائق إنجيله، فإننا نُبارك بالقدرة الروحية للمضي قدمًا في تحديات الحياة الفانية مع التركيز على المباهج التي يقدمها لنا المخلص. بالتأكيد، كما تقول الترنيمة، ”إن فعلنا الصََوْبَ فليس هناك ما يخيف، لأن الرب، نصيرنا، سيكون دوما معينا وحليف.“٧

علاقة شخصية من خلال العهود

إن الدخول في عهود مقدسة وتلقي مراسيم الكهنوت باستحقاق يربطنا في نير واحد مع الرب يسوع المسيح والآب السماوي.٨ هذا يعني ببساطة أننا نثق في المخلص كشفيع لنا٩ ووسيط١٠ ونعتمد على مزاياه ورحمته ونعمته١١ خلال رحلة الحياة. ومن خلال ثباتنا في الإقبال إلى المسيح وارتباطنا معه بنفس النير فإننا نتلقى التطهير والشفاء وبركات كفارته الأزلية والأبدية المانحة للقوة.١٢

إن الحياة حسب التزامات العهد ومحبتها تخلق علاقة شخصية مع الرب عميقة ووثيقة روحياً. عندما نحترم شروط العهود والمراسيم المقدسة فإننا نتقرب منه بشكل تدريجي ومتزايد١٣ ونشعر بتأثير ألوهيته وواقعية وجوده في حياتنا. يصبح يسوع إذن أكثر بكثير من كونه الشخصية المركزية في قصص الكتاب المقدس لتأثير قدوته وتعاليمه على كل رغباتنا وفكرنا وأعمالنا.

بصراحة لا أمتلك القدرة على وصف الطبيعة الدقيقة لعهدنا وقوة ارتباطه مع ابن الله الحي المُقام من الموت. لكني أشهد أن علاقاتنا معه ومع الآب السماوي حقيقية وأنها المصادر الحتمية للطمأنينة والسلام والفرح والقوة الروحية التي تمكننا، كما تقول الترنيمة، من ”ألا نخاف استهزاء الخصوم“١٤. بصفتنا تلاميذا يقطعون مع يسوع المسيح العهود ويحفظونها فإن بإمكاننا أن نتحلى بالشجاعة ”لأن الرب معنا“١٥ فلا نأبه بالتأثيرات الشريرة والاستهزاء العلماني.

عندما أزور أعضاء الكنيسة حول العالم، غالبًا ما أطرح عليهم السؤال التالي: ما الذي يساعدكم على ”عدم الانتباه“ للتأثيرات الدنيوية والسخرية والازدراء؟ أجوبتهم مفيدة جدا.

غالبًا ما يسلط الأعضاء الشجعان الضوء على أهمية إدخال قوة الروح القدس إلى حياتهم من خلال دراسة النصوص المقدسة بشكل هادف، والصلاة الحارة، والإعداد بالشكل المناسب للمشاركة في مرسوم القربان. يُذكر أيضًا بشكل متكرر الدعم الروحي من قبل أفراد الأسرة المخلصين والأصدقاء محل الثقة، والدروس الهامة التي نتعلمها من خلال تقديم الخدمة والمعونة في كنيسة الرب المستعادة، والقدرة على تمييز التفاهة المطلقة لأي شيء موجود في المبنى العظيم والواسع أو ما يصدر منه.

لقد لاحظت في ردود هؤلاء الأعضاء نمطًا معينا ومهمًا بشكل خاص. أولاً وقبل كل شيء ، لدى هؤلاء التلاميذ شهادات راسخة عن خطة الآب السماوي للسعادة ودور يسوع المسيح باعتباره فادينا ومخلصنا. وثانيًا ، معرفتهم وقناعاتهم الروحية فردية وشخصية ومحددة ؛ فهي ليست عامة ومجردة. أستمع إلى هذه النفوس المخلصة تتحدث عن العهود التي تزودهم بالقوة للتغلب على المعارضة كما يذكرون علاقتهم بالرب الحي والتي تدعمهم في الظروف الجيدة والسيئة. بالنسبة لهؤلاء الأفراد فإن يسوع المسيح هو بالفعل مخلص شخصي.

بوصلة

تعمل عهود ومراسيم الإنجيل في حياتنا كالبوصلة. البوصلة هي جهاز يستخدم للإشارة إلى الاتجاهات الأساسية للشمال والجنوب والشرق والغرب لأغراض الملاحة والتوجيه الجغرافي. بالمثل، ترشدنا عهودنا ومراسيمنا إلى الرب يسوع المسيح وتساعدنا دائمًا على تذكر ارتباطنا به ونحن نتقدم على درب العهد.

تمثال الكريستس (المسيح)

الوجهة الأساسية بالنسبة لنا جميعًا في الحياة الفانية هو أن نأتي إلى المسيح ونكون كاملين فيه.١٦ تساعدنا العهود والمراسيم المقدسة في حفظ تركيزنا على المخلص والمجاهدة، بنعمته١٧، لنصبح أكثر شبهاً به. من المؤكد أن، ”[قوة] خفية ستعين لنصر الحق اليقين.“١٨

التمسك بالقضيب الحديدي

إن ارتباطنا بعهد مع الله ويسوع المسيح هو القناة التي يمكننا من خلالها الحصول على القدرة والقوة كي ”لا نأبه“. وتزداد هذه الرابطة كلما واصلنا التمسك بالقضيب الحديدي. ولكن كما سأل إخوة نافي، ”ما مَعْنى الْقَضيبِ الْحَديدِيِّ الَّذي رَآهُ أَبونا … ؟

”فقال [نافي] لَهُمْ إِنَّهُ رَمْزٌ لِكَلِمَةِ اللّٰهِ؛ وَكُلُّ مَنْ يُصْغونَ لِكَلِمَةِ اللّٰهِ وَ يَتَمَسَّكونَ بِها لَنْ يَهْلِكوا أَبَدًا؛ كَما أَنَّ تَجارِبَ الْخَصْمِ وَسِهامَهُ الْمُلْتَهِبَةَ لَنْ تَتَغَلَّبَ عَلَيْهِمْ لِتُعْمِيَهُمْ وَتَقودَهُمْ إِلى الْهَلاكِ.“١٩

يرجى ملاحظة أن القدرة على مقاومة الإغراءات والسهام النارية للعدو موعودة لأولئك الأفراد الذين ”يتمسكون بكلمة الله“ بدلاً من مجرد ”التشبث“ بها.

ومن المثير للاهتمام هو أن الرسول يوحنا وصف يسوع المسيح بأنه الكلمة.٢٠

”فِي ٱلْبَدْءِ كَانَ ٱلْكَلِمَةُ، وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللهِ، وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللهَ. …

كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. …

”وَٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ ٱلْآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا“٢١.

لذلك، فإن أحد أسماء يسوع المسيح هو ”الكلمة“٢٢.

إضافة إلى ذلك، فإن بند الإيمان الثامن ينص، ”نؤمن بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله بقدر ما تُرجم صحيحاً ؛ كما نؤمن بأن كتاب مورمون هو كلمة الله.“٢٣

وهكذا، فإن تعاليم المخلص، كما هي مسجلة في النصوص المقدسة، هي أيضًا ”الكلمة“.

اسمحوا لي أن أقترح أن التمسك بكلمة الله يستلزم (١) تذكر وتكريم وتقوية علاقتنا الشخصية مع المخلص وأبيه من خلال عهود ومراسيم الإنجيل المستعاد، و (٢) الصلاة والجدية، ومواصلة استخدام النصوص المقدسة وتعاليم الأنبياء والرسل كمصادر أكيدة للحقيقة الموحاة. وعندما نكون مرتبطين بالرب و ”متمسكين به“ ونتغير من خلال الحياة حسب عقيدته٢٤، فإنني أعدكم بأننا ، فرديًا وجماعيًا، سننعم ”بالوقوف في الأماكن المقدسة، ولا [ننتقل منها].“٢٥ إن أقمنا في المسيح فإنه سيقيم فينا وسيكون معنا٢٦. وبالتأكيد فإنه، ”في أيام المحن سيعزي قديسيه وسينصر الحق.“٢٧

شهادة

تقدموا. تمسكوا. لا تأبهوا.

أشهد أن الإخلاص لعهود ومراسيم إنجيل المخلص المستعاد يمكّننا من التقدم في عمل الرب، لكي نتمسك به باعتباره كلمة الله، وحتى لا نأبه بإغراءات الخصم. في الكفاح من أجل الحق، أرجو أن يكون لكل منا سيفٌ، وهو ”سيف الحق العظيم“٢٨ ، بالاسم المقدس للرب يسوع المسيح، آمين.