المؤتمر العام
الحب الإلهي في خطة الآب
المؤتمر العام نيسان/ أبريل ٢٠٢٢


14:47

الحب الإلهي في خطة الآب

الغرض من عقيدة وسياسات هذه الكنيسة المستعادة هو إعداد أبناء وبنات الله للخلاص في ملكوت السماء والإعلاء في أعلى مراتبه.

تُظهر خطة الإنجيل محبة أبينا السماوي لجميع أبنائه وبناته. لفهم هذا فإننا يجب أن نسعى لفهم خطته ووصاياه. إنه يحب بنيه وبناته كثيرًا لدرجة أنه بذل ابنه الوحيد، يسوع المسيح، ليكون مخلصنا وفادينا، ليعاني ويموت من أجلنا. لدينا في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة المستعادة فهم فريد لخطة أبينا السماوي. يمنحنا هذا طريقة مختلفة لرؤية الغرض من الحياة الفانية، والدينونة الإلهية التي تليها، والمصير المجيد النهائي لجميع أبناء وبنات الله.

إنني أحبكم أيها الإخوة والأخوات. وأحب كل أبناء وبنات الله. سأل شخص ما المخلص يوماً، ”أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ ٱلْعُظْمَى فِي ٱلنَّامُوسِ؟“ علمنا المخلص أن محبة الله والجيران هي أولى وصايا الله العظيمة.١ هذه الوصايا هي الأولى لأنها تدعونا إلى النمو روحياً من خلال السعي لمحاكاة محبة الله لنا. أتمنى أن يكون لدينا جميعًا فهم أفضل للعقيدة والسياسات المُحِبّة التي أسسها أبونا السماوي وابنه، يسوع المسيح، في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة. ما أقوله هنا يهدف إلى توضيح الكيفية التي تشرح بها محبة الله هذه العقيدة وسياسات الكنيسة المُلهمة.

١.

من سوء الفهم الشائع عن الدينونة التي تلي الحياة الفانية هي أن الناس الطيبون ينتهون إلى مكان يُدعى الجنة والأشرار يذهبون إلى مكان أبدي يُدعى الجحيم. هذا الافتراض الخاطئ لوجود وجهتين نهائيتين فقط يعني أن الذين لا يستطيعون حفظ جميع الوصايا المطلوبة لدخول الجنة سيكون مصيرهم المؤكد هو الجحيم.

إن الآب السماوي المحب لديه خطة أفضل لأبنيه وبناته. تعلّم العقيدة المعلنة لكنيسة يسوع المسيح المستعادة أن جميع أبناء الله — مع استثناءات محدودة للغاية لا يمكن أخذها في الاعتبار هنا — سينتهي بهم الأمر أخيرًا في مملكة مجد.٢ علم يسوع، ”في بيت أبي منازل كثيرة“٣. نعلم من الوحي الحديث أن تلك المنازل تقع في ثلاث ممالك مجد مختلفة. في الدينونة النهائية، سيُحاكم كل واحد منا وفقًا لأفعالنا ورغبات قلوبنا.٤ قبل ذلك، يجب أن نعاني بسبب خطايانا التي لم نتب عنها. الكتاب المقدس واضح بخصوص ذلك.٥ ثم يمنحنا قاضينا الصالح الإقامة في إحدى ممالك المجد تلك. لذلك فإننا نعلم من الوحي المعاصر، أن الجميع ”سيُدانون … حسب أعمالهم وكل إنسان سيتسلم حسب أعماله سلطانَهُ الذاتي في المنازل التي أُعِدَّت“.٦

لقد اختار الرب أن يكشف القليل نسبيًا عن مملكتي المجد. في المقابل، كشف الرب الكثير عن أعلى مملكة مجد، والتي يصفها الكتاب المقدس بأنها ”مجد الشمس“.٧

في المجد ”السماوي“٨ هناك ثلاث درجات أو مستويات.٩ أعلاها هو الإعلاء في الملكوت السماوي ، حيث قد نصبح مثل أبينا وابنه يسوع المسيح. لمساعدتنا على تطوير الصفات الإلهية والتغيير في الطبيعة الضروري لتحقيق إمكاناتنا الإلهية، فقد أوحى الرب عقيدة وأسس وصايا قائمة على قانون أبدي. هذا هو ما نعلمه في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة لأن الغرض من عقيدة وسياسات هذه الكنيسة المستعادة هو إعداد أبناء وبنات الله للخلاص في المجد السماوي، وعلى الأخص الإعلاء بأعلى درجاته.

العهود المبرمة والبركات الموعودة للمؤمنين في هياكل الله هي المفتاح. هذا يفسر بناءنا للهياكل في جميع أنحاء العالم، والتي غنت الجوقة عنها بشكل جميل للغاية. يشعر البعض بالحيرة من تركيزنا على هذا غير مدركين أن عهود الهيكل ومراسيمه ترشدنا نحو تحقيق الإعلاء. لا يمكن فهم هذا إلا في سياق الحقيقة الموحى بها عن درجات المجد الثلاث. بسبب حب أبينا السماوي الكبير لجميع أبنائه وبناته، فقد صنع ممالك مجد أخرى — كما أوضح الشيخ كونتن ل. كوك في كلمته بالأمس — وكلها أكثر روعة مما يمكننا فهمه.١٠

إن كفارة يسوع المسيح تجعل كل هذا ممكنا. لقد أوحى أنه ”هو الذي يمجد الآب، ويخلص كل أعمال يديه“.١١ وإن الخلاص يُمنح في ممالك مجد مختلفة. نحن نعلم من الوحي المعاصر أن ”كل الممالك لها ناموس“.١٢ ومن المهم ما يلي:

”فإن من لا يستطيع أن يلتزم بشريعة الملكوت السماوي لا يمكنه أن يتحمل مجدًا سماويًّا.

”ومن لا يستطيع أن يلتزم بشريعة الملكوت الأرضي لا يمكنه أن يتحمل مجدًا أرضيًّا.

”ومن لا يستطيع أن يلتزم بشريعة الملكوت الأقصى لا يمكنه أن يتحمل مجدًا أقصى“.١٣

بعبارة أخرى، إن مملكة المجد التي نتلقاها في الدينونة الأخيرة تحددها القوانين التي نختار الالتزام بها في خطة الأب السماوي المحبة. بموجب هذه الخطة، توجد ممالك متعددة بحيث يمكن تعيين جميع أبنائه في مملكة حيث يمكنهم ”البقاء“.

٢.

تطبق تعاليم وسياسات كنيسة الرب المستعادة هذه الحقائق الأبدية بطريقة لا يمكن فهمها بالكامل إلا في سياق خطة محبة أبينا السماوي لـ جميع أبنائه وبناته.

أولا، إننا نحترم الإرادة الذاتية للفرد. يعلم معظمكم بالجهود الكبيرة التي تبذلها هذه الكنيسة لتعزيز الحرية الدينية. هذه الجهود هي تعزيز لخطة أبينا السماوي. نحن نسعى لمساعدة كل من أبنائه وبناته - وليس فقط أعضاءنا - للتمتع بحرية الاختيار الثمينة.

وبالمثل، نُسأل أحيانًا عن سبب إرسال المبشرين إلى العديد من الدول، حتى إلى الشعوب المسيحية. نُسأل أيضًا لماذا نقدم مساعدات إنسانية هائلة لأشخاص ليسوا أعضاء في كنيستنا دون ربط ذلك بجهودنا التبشيرية. نفعل هذا لأن الرب علمنا أن نقدر جميع أبنائه وبناته على اعتبار أنهم إخوتنا وأخواتنا، ونريد أن نشارك الجميع في خيراتنا الروحية والدنيوية.

توفر العقيدة الأبدية أيضًا منظورًا مميزًا حول الأطفال. من خلال هذا المنظور نرى أن إنجاب الأطفال وتربيتهم هو جزء من الخطة الإلهية. إنه واجب بهيج ومقدس لمن لديهم القدرة على المشاركة فيه. لذلك ، فقد أُوصينا بالتدريس والتعامل مع المبادئ والممارسات التي توفر أفضل الظروف لنمو الأطفال وإسعادهم في ظل خطة الله.

٣.

أخيرًا ، تُعرف كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة بأنها الكنيسة المتمركزة حول الأسرة. لكن الحقيقة غير المفهومة جيدًا هي أن تركيزنا على الأسرة لا يقتصر على علاقات الحياة الفانية. العلاقات الأبدية هي أيضًا أساسية في لاهوتنا. مهمة الكنيسة المستعادة هي مساعدة جميع أبناء وبنات الله على التأهل لما يريد الله أن يكون مصيرهم النهائي. من خلال الفداء المتاح من خلال كفارة المسيح، يمكن للجميع أن ينالوا الحياة الأبدية (الإعلاء في الملكوت السماوي)، التي أعلنت أمنا حواء أن ”الله يمنحها لكل مطيع“.١٤ هذا يتجاوز الخلاص. لقد ذكرنا الرئيس رسل م. نلسن، ”في خطة الله الأبدية، الخلاص هو شأن فردي. [لكن] الإعلاء هو شأن عائلي“.١٥

إن الأمر الأساسي بالنسبة لنا هو إعلان الله أن الإعلاء لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الإخلاص لعهود الزواج الأبدي بين الرجل والمرأة.١٦ هذه العقيدة الإلهية هي سبب تعليمنا أن ”الجنس هو سمة أساسية للهوية والأهداف الفردية خلال الحياة ما قبل الأرضية والأرضية والأبدية“.١٧

ولهذا أيضًا طلب الرب من كنيسته المستعادة أن تقاوم الضغوط الاجتماعية والقانونية للتراجع عن عقيدته حول الزواج بين الرجل والمرأة ومعارضة التغييرات التي تخلط أو تغير الجنس أو تُجانِس الاختلافات بين الرجال والنساء.

كثيرًا ما تثير مواقف الكنيسة المستعادة بشأن هذه الأساسيات مواقف معارضة. نحن نفهم ذلك. تسمح خطة أبينا السماوي بوجود ”المعارضة في كل شيء“١٨، ومعارضة الشيطان الأشد موجهة إلى العنصر الأكثر أهمية لتلك الخطة. وبالتالي، فإنه يسعى إلى معارضة التقدم نحو الإعلاء من خلال تشويه الزواج أو تشجيع عدم الإنجاب أو الخلط بين الجنسين. ومع ذلك، فإننا نعلم أنه على المدى الطويل، فإن الغرض الإلهي وخطة أبينا السماوي المحب لن تتغير. قد تتغير الظروف الشخصية، وتضمن خطة الله أن الفرصة على المدى الطويل ستتاح للمؤمنين الذين يحافظون على عهودهم للتأهل لكل بركة موعودة.١٩

أحد التعاليم ذا القيمة الفريدة لمساعدتنا على الاستعداد للحياة الأبدية، ”أعظم هبات الله“٢٠، هو إعلان عام ١٩٩٥ عن العائلة.٢١ تختلف تصريحات هذا الإعلان، بالطبع، عن بعض القوانين والممارسات والدعوات الحالية، مثل المعاشرة دون زواج والزواج المثلي. الذين لا يفهمون تمامًا خطة الأب المحبّة لأبنائه قد لا يعتبرون إعلان العائلة هذا أكثر من بيان لسياسة الكنيسة قابل للتغيير. بالمقابل، نؤكد أن إعلان العائلة، المبني على عقيدة لا رجعة فيها، يحدد نوع العلاقات الأسرية التي يمكن أن يحدث فيها أهم جزء من تطورنا الأبدي.

هذا هو سياق العقيدة والسياسات الفريدة لكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة المستعادة.

٤.

في العديد من العلاقات والظروف في الحياة الفانية، يجب على كل واحد منا أن يتعايش مع الاختلافات. بصفتنا أتباع المسيح الذين عليهم أن يحبوا إخوتهم في البشرية، فإننا يجب أن نعيش بسلام مع الذين يختلف إيمانهم عنا. نحن جميعًا أبناء وبنات الآب السماوي المحب. لقد قدر لنا جميعًا الحياة بعد الموت وفي النهاية ملكوت المجد. يريد الله منا جميعًا أن نسعى جاهدين للحصول على أعلى بركاته الممكنة من خلال الحفاظ على أسمى وصاياه وعهوده ومراسيمه، والتي تتوج جميعها ببناء هياكله المقدسة في جميع أنحاء العالم. يجب أن نسعى لمشاركة حقائق الأبدية هذه مع الآخرين. لكن بسبب الحب الذي ندين به لكل جيراننا، فإننا دوما نقبل قراراتهم. كما علمنا أحد أنبياء كتاب مورمون، يجب علينا المضي قدمًا، وفينا ”محبة الله وجميع البشر“.٢٢

وكما أعلن الرئيس رسل نلسن في مؤتمرنا الأخير: ”لم يكن هناك وقت في تاريخ العالم كانت فيه معرفة مخلصنا أكثر أهمية على المستوى الشخصي وذات صلة بـكل نفس بشرية. … عقيدة المسيح النقية قوية. إنها تغير حياة كل من يفهمها ويسعى إلى تنفيذها في حياته“.٢٣

وراجيا أن نتمكن جميعًا من تنفيذ هذه العقيدة المقدسة في حياتنا، فإنني أصلي باسم يسوع المسيح، آمين.