درب العهد: الطريق إلى الحياة الأبدية
الطريق إلى الكمال هو درب العهد، والمسيح هو محور جميع المراسيم والعهود.
أراد ملك قوي لابنه أن يحكم إحدى ممالكه. كان على الأمير أن يتعلم ويزيد في الحكمة ليجلس على العرش. ذات يوم، التقى الملك بالأمير وشارك معه خطته. اتفقا على أن يذهب الأمير إلى مدينة مختلفة ليكتسب الخبرة. هناك سيواجه تحديات بالإضافة إلى الاستمتاع بأشياء جيدة كثيرة. ثم أرسله الملك إلى المدينة، حيث كان من المتوقع أن يثبت الأمير إخلاصه للملك وأن يثبت أنه لائق لتلقي الامتيازات والمسؤوليات التي كان الملك يدخرها له. كان الأمير حراً في الاختيار بين الحصول على هذه الامتيازات والمسؤوليات أو رفضها ، حسب رغباته وإخلاصه. أنا متأكد من أنكم تريدون معرفة ما حدث للأمير. هل عاد ليرث الملكوت؟
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء ، كل منا أمير أو أميرة. لقد أرسلنا أب سماوي محب إلى الأرض لكي نتمتع ببركة الجسد الذي سيصبح خالدًا بواسطة كفارة وقيامة يسوع المسيح. من المتوقع أن نستعد للعودة إلى محضر الله بإثبات أننا ”[سنفعل] جميع الأشياء التي [يوصينا بها الرّب إلهنا]“ (إبراهيم ٣:٢٥).
لمساعدتنا، جاء المخلص ليفدينا ويوضح طريق العودة إلى الله. إن أبناء الله مدعوون للمجيء إلى المخلص ليكونوا كاملين فيه. نجد في النصوص المقدسة أن دعوتنا للإقبال إلى الرب تكررت أكثر من ٩٠ مرة، وأكثر من نصف هذه الدعوات الشخصية جاءت من الرب نفسه. قبول دعوة المخلص يعني المشاركة في مراسيمه والحفاظ على عهودنا معه. يسوع المسيح هو الطريق والحق والحياة ( يوحنا ۱٤: ٦ ) وهو يدعونا جميعًا أن ”نقبل إليه ونتناول من صلاحه ولا يحرم أحدا يُقبِل إليه“ (٢ نافي ٢٦:٣٣).
تعلم الإنجيل وتعليمه يعمق اهتداءنا إلى الآب السماوي ويسوع المسيح ويساعدنا على أن نصبح أكثر شبهاً بهما. على الرغم من أنه لم يتم الكشف عن كل الأشياء فيما يتعلق ”بالوقت المحدد والطريقة التي [سيتم بها] منح بركات الإعلاء“، فإننا مع ذلك واثقين فيها.(م. رسل بالارد، ”رجاء في المسيح،“ لياحونا، أيار/ مايو ٢٠٢١، ٥٥).
ذكر ألما رئيس الكهنة، الذي كان يعلّم في أرض زاراحملة، دعوة عميقة من يسوع المسيح:
”إِنَّهُ قَدْ أَذَاعَ دَعْوَتَهُ بَيْنَ ٱلنَّاسِ جَمِيعًا وَنَشَرَ ذِرَاعَيِ ٱلرَّحْمَةِ نَحْوَهُمْ قَائِلاً: تُوبُوا فَأَقْبَلَكُمْ.
”وهو يقول: أقبلوا إليّ فتأكلوا من ثمار شجرة الحياة“.(ألما ٥:٣٣–٣٤).
يدعونا المخلص نفسه للمجيء إليه وحمل نيره حتى نرتاح في هذا العالم المضطرب (راجع متى ١١:٢٨–٢٩). نأتي الى المسيح من خلال ”ممارسة الإيمان [به]، والتوبة اليومية، والتعهد بالعهود مع الله بقبول مراسيم الخلاص والإعلاء ، والثبات حتى النهاية بالحفاظ على تلك العهود“ (الدليل العام: الخدمة في كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، ١،٢،١، ChurchofJesusChrist.org). الطريق إلى الكمال هو درب العهد، والمسيح هو محور جميع المراسيم والعهود.
علم الملك بنيامين أنه بسبب العهود التي نقطعها، نصبح أبناء وبنات للمسيح، الذي ولدنا روحياً، وتحت هامته نتحرر، لأنه ”لا يُوجَدُ ٱسْمٌ آخَرُ بِهِ يَأْتِي ٱلْخَلاصُ“ (راجع موسيا ٥:٧–٨). نحن نخلص كما نصبر حتى النهاية ”باتباع مثال ابن الله الحي“ (٢ نافي ٣١:١٦). أرشدنا نافي بأن كل شيء لا يتم بمجرد الدخول في الطريق الوعر والضيق؛ يجب علينا ”أَنْ تَتَقَدَّمُوا ثَابِتِينَ فِي الْمَسِحِ، مُتَذَرِّعِينَ بِرَجَاءٍ سَاطِعٍ وَمَحَبَّةٍ لِلهِ وَجَمِيعِ الْبَشَرِ“ (راجع ٢ نافي ٣١:١٩–٢٠).
تساعدنا عقيدة المسيح في العثور على درب العهد والمواصلة عليه، وقد تم ترتيب الانجيل بحيث يتم قبول بركات الرب الموعودة من خلال المراسيم والعهود المقدسة. لقد ذكّرنا نبي الله، الرئيس رسل م.نلسن في البث التلفزيوني في ١٦ يناير/ كانون الثاني ٢٠١٨ ”بالمواصلة على درب العهد. إن التزامكم باتباع المخلص بقطع العهود معه ومن ثم حفظ هذه العهود سيفتح باب كل بركة روحية وامتياز متاح للرجال والنساء والأطفال في كل مكان. … الغاية التي يكافح من أجلها كلٌ منّا هي أن نحصل على أعطية بيت الرب، نُختَم كعائلات، نخلص للعهود التي قطعت في الهيكل، هذا ما يؤهلنا لأعظم هبة من هبات الله، هبة الحياة الأبدية“ (”بينما نمضي قدمًا سوية“، لياحونا، نيسان/ أبريل، ٢٠١٨، ٧).
لن يتخلى الله عن علاقته أو يحجب بركاته الموعودة للحياة الأبدية عن أي حافظ مخلص للعهد. وعندما نحترم العهود المقدسة فإننا نقترب أكثر من المخلص. علمنا الشيخ ديفيد أ. بدنار بالأمس أن عهود ومراسيم الإنجيل تعمل في حياتنا مثل البوصلة لتعطينا التوجيه الأساسي للإقبال إلى المسيح ولنصبح أكثر شبهاً به.
تشير العهود إلى طريق العودة إلى الله. تقودنا مراسيم المعمودية وقبول عطية الروح القدس والترسيم الكهنوتي والقربان، إلى هيكل الرب لنشارك في مراسيمه للاعلاء.
أود أن أذكر شيئين أكد عليهما مخلصنا لمساعدتنا في الحفاظ على العهود بأمانة:
-
يستطيع الروح القدس أن يعلمنا ويذكرنا بتعاليم المخلص، وأن يبقى معنا إلى الأبد (راجع يوحنا ١٤:١٦، ٢٦). يستطيع أن يكون رفيقنا الدائم لإرشادنا على درب العهد. علّمنا نبينا رسل م. نلسن أنّه في ”الأيام المقبلة لن يكون من الممكن النجاة روحياً من دون التأثير المستمر الإرشادي والتوجيهي والمعزي من الروح القدس“ (”وحي للكنيسة، وحي لحياتنا“، لياحونا، أيار /مايو ٢٠١٨، ٩٦).
-
وضع المخلص مرسوم القربان، لكي نتذكره دائمًا ويكون روحه معنا. تفتح المعمودية باب الحياة الأبدية، ويساعدنا القربان على المضي قدمًا بثبات على درب العهد. عندما نتناول من القربان فإننا سنكون شهادة للآب بأننا نتذكر دائمًا ابنه. وعندما نتذكره دائمًا ونحفظ وصاياه فسيكون روحه معنا. اضافة إلى هذا الوعد فإن الرب يجدد المغفرة الموعودة للخطيئة عندما نتوب بتواضع عن خطايانا.
في ظل التزامنا بعهودنا، يجب أن نسعى دائمًا لأن يكون الروح القدس معنا ليهيئنا للاستفادة من القربان، وبالمثل، فإننا نشارك بانتظام في القربان حتى يكون الروح معنا دائمًا.
عندما كانت ابنتنا في الخامسة من عمرها، كان لديها نموذج سيارة تعمل بالبطارية وكانت تحب قيادتها في جميع أنحاء المنزل. ذات مساء، أتت إلي وقالت، ”أبي، سيارتي لم تعد تتحرك. هل يمكننا إحضار بعض الوقود من سيارتك لوضعها فيها حتى تتمكن من الحركة مرة أخرى؟ ربما تحتاج إلى وقود مثل سيارتك لتتحرك“.
لاحظت لاحقًا أن البطارية استهلكت، لذلك قلت أننا سنجعلها تعمل في غضون ساعة تقريبًا. قالت بحماس شديد، ”نعم! سنأخذها إلى محطة الوقود“. لقد قمت ببساطة بتوصيل البطارية بمصدر كهربائي لشحنها، وبعد ساعة تمكنت من قيادة السيارة التي تعمل بالبطارية المشحونة. علمت بعد ذلك أنه من المهم دائمًا إعادة شحن البطارية عن طريق توصيلها بمصدر كهربائي.
كما تعلمت ابنتي عن العلاقة بين البطارية والطاقة لقيادة سيارتها اللعبة، تعلمنا كذلك عن يسوع المسيح والقربان والروح. نحن بحاجة إلى الروح ليساعدنا على الإبحار على أمواج الحياة الأرضية خلال محافظتنا بإخلاص على العهود ونحتاج إلى القربان لتنشيط كياننا الروحي. تجديدنا لعهد المعمودية وتناول القربان يقودان إلى الإخلاص لجميع العهود الأخرى. وتكون النهاية السعيدة مضمونة عندما ندرس ونصلي ونكرم دعوة المخلص ونستمتع ببركاته الموعودة. قال الرب، ”وكي تحفظوا أنفسكم بلا دنس في العالم اذهبوا الى بيت الصلاه وقدموا قربانكم في يومي المقدس“ (المبادئ والعهود ٥٩:٩).
أشهد أن من يحفظون العهد وُعدوا بـ ”السلام في هذا العالم، والحياة الأبدية في العالم الآتي“ (المبادئ والعهود ٥٩:٢٣). أشهد أنكم عندما تتناولون بانتظام رموز المخلص المتمثلة في القربان فسيكون روحه معكم لإرشادكم على درب العهد والمحافظة على إخلاصكم لعهودكم. باسم يسوع المسيح، آمين.