المؤتمر العام
ثقة العهد من خلال يسوع المسيح
المؤتمر العام لشهر نيسان/ أبريل ٢٠٢٤


14:29

ثقة العهد من خلال يسوع المسيح

عندما ندخل بيت الرب، نبدأ رحلة تعلم مقدسة لنصبح تلاميذ للمسيح أكثر قداسة.

أصلي لكي نتجدد روحيًا من خلال الرسائل الملهمة التي سنسمعها من قادتنا في نهاية هذا الأسبوع ونبتهج بما أحب أن أسميه ”ثقة العهد من خلال يسوع المسيح“. هذه الثقة هي التأكيد المطمئن والمحتوم بالحصول على البركات التي يعد بها الله الذين يحفظون عهودهم، وهي ضرورية وسط الظروف الصعبة في يومنا هذا.

بناء بيوت الرب الجديدة في جميع أنحاء العالم، تحت القيادة الملهمة للرئيس رسل م. نلسن أحدث فرحًا عظيمًا بين أعضاء الكنيسة، وكان بمثابة رمز مهم لامتداد ملكوت الرب.

بالتأمل في تجربتي المذهلة في تكريس هيكل فيذر ريفر بكاليفورنيا في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تساءلت عما إذا كنا أحيانًا نضيع في الإثارة المتمثلة في وجود هياكل جديدة في مدننا ومجتمعاتنا ونهمل الهدف الأكثر قدسية للعهود المقامة في الهيكل.

منقوش على واجهة كل هيكل عبارة جليلة: ”قدس للرب“. هذه الكلمات الملهمة هي إشارة واضحة ودعوة، إلى أننا عندما ندخل بيت الرب، نبدأ رحلة تعلم مقدسة لنصبح تلاميذ للمسيح أكثر قداسة. وبينما نتقدم في هذه الرحلة، ونقطع عهود القداسة أمام الله ونلتزم باتباع المخلص، فإننا نتلقى القوة لتغيير قلوبنا وتجديد أرواحنا وتعميق علاقتنا معه. مثل هذا المسعى يجلب التقديس لأرواحنا ويشكل رابطًا مقدسًا مع الله ويسوع المسيح، اللذين يعداننا بأننا نستطيع أن نرث هبة الحياة الأبدية. نتيجة هذه الرحلة المقدسة هي أننا نحصل على ثقة أسمى وأقدس في حياتنا اليومية ضمن عهودنا التي قطعناها بواسطة يسوع المسيح.

هذه الثقة هي قمة علاقتنا الإلهية مع الله ويمكن أن تساعدنا على زيادة تكريسنا وامتناننا ليسوع المسيح وذبيحته الكفارية. إنها تقوي قدرتنا على محبة الآخرين وخدمتهم وتقوي أرواحنا للعيش في عالم غير مقدس يتزايد فيه الظلام والإحباط وعدم الثبات والاستقرار. وتمكّننا من التغلب على بذور الشك واليأس والخوف والإحباط ووجع القلب واليأس التي يحاول عدو كل الحق غرسها في قلوبنا خاصة عندما تكون الحياة صعبة أو التجارب طويلة أو الظروف صعبة. هناك آية من الكتاب المقدس تقدم نصيحة سديدة لكل منا بينما نواجه ريح التحديات الدنيوية العاتية اليوم: ”لَا تَتَخَلَّوْا عَنْ ثِقَتِكُمْ“.

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إن الذين يكتسبون ثقة حقيقية في العهود التي قطعت في بيت الرب من خلال يسوع المسيح يمتلكون إحدى أعظم القوى التي يمكننا الوصول إليها في هذه الحياة.

أثناء دراستنا لكتاب مورمون في تعال، اتبعني هذا العام، شهدنا كيف جسد نافي بشكل جميل قوة هذا النوع من ثقة العهد من خلال إخلاصه عندما واجه انتكاسات وتحديات للحصول على الألواح كما أمر الرب. نافي، على الرغم من حزنه الشديد بسبب خوف لامان ولموئيل وعدم إيمانهما، ظل واثقًا من أن الرب سيسلمهم الألواح. فقال لإخوته، ”أُقْسِمُ بِالرَّبِّ وَبِحَياتِنا أَنَّنا لَنْ نَنْزِلَ إِلى أَبينا في الْبَرِّيَّةِ إِلى أَنْ نُحَقِّقَ ما أَمَرَنا بِهِ الرَّبُّ.“ بسبب ثقة نافي في وعود الرب، اختبر معجزة وتمكن من إنجاز ما أُمر به. لاحقًا، في رؤيته، رأى نافي تأثير هذا النوع من الثقة، فكتب، ”رَأيتُ قُوَّةَ حَمَلِ اللهِ تَحِلُّ عَلى قِدّيسي كَنيسَةِ الْحَمَلِ وَعَلى شَعْبِ عَهْدِ الرَّبِّ، … كانوا مُتَسَلِّحينَ بِالْبِرِّ وَبِقُوَّةِ اللهِ في مَجْدٍ عَظيمٍ“.

لقد رأيت بنفسي وعود الرب المحبة وقوته تتدفق إلى حياة أبناء الله، وتقويهم لمواجهة ظروف الحياة. في أحد الأيام، عادت زوجتي إلى المنزل بعد عبادتها في الهيكل وأخبرتني عن مدى تأثرها العميق بما مرّت به هناك في يوم شتوي بارد. عندما دخلت بيت الرب، رأت رجلاً على كرسي متحرك يتحرك ببطء شديد وامرأة تمشي بصعوبة بالغة باستخدام عصا، وكلاهما يأتيان بشجاعة للعبادة والتواصل مع الرب في بيته. عندما دخلت زوجتي إلى منطقة التحضير، رأت أختًا لطيفة، كانت فاقدة لإحدى ذراعيها وليس لديها سوى جزء من الذراع الأخرى، تؤدي أي مهمة تُكلف بها بشكل جميل وسماوي.

عندما تحدثت أنا وزوجتي عن تلك التجربة، استنتجنا أن الثقة النقية والنابعة من القلب في الوعود الأبدية التي يقدمها الله من خلال العهود المقدسة المقامة معه في بيته هي وحدها القادرة على دفع تلاميذ المسيح الرائعين إلى مغادرة منازلهم في ذلك اليوم شديد البرودة. رغم ظروف حياتهم الشخصية.

أصدقائي الأعزاء، إذا كان هناك شيء واحد يمكننا أن نمتلكه—وشيء واحد يمكننا أن ننقله إلى أطفالنا وأحفادنا من شأنه أن يساعد كل منا في الاختبارات والتجارب القادمة—فسيكون الثقة في العهود المقطوعة من خلال يسوع المسيح. إن الحصول على مثل هذا الامتلاك الإلهي سيساعدهم على العيش كما وعد الرب أتباعه الأمناء: ”تلاميذي سيقفون في أماكن مقدسة ولن يُنْزعوا منها“.

فكيف نكتسب هذه الثقة من خلال يسوع المسيح؟ تأتي من خلال التواضع، وتركيز حياتنا على المخلص، والعيش وفق مبادئ إنجيل يسوع المسيح، وتلقي مراسيم الخلاص والإعلاء، واحترام العهود التي نقطعها مع الله في بيته المقدس.

في تعليقاته الختامية في المؤتمر العام في تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠١٩، ذكّرنا نبينا العزيز بخطوة مهمة في تحقيق ثقة العهد، قائلاً: ”إن الاستحقاق الفردي لدخول بيت الرب يتطلب الكثير من الإعداد الروحي الفردي. يتطلب الاستحقاق الشخصي الاهتداء الكامل للعقل والقلب لنكون أكثر شبهاً بالرب ونكون مواطنين شرفاء وقدوة صالحة وأن نكون أشخاصا أكثر قداسة“. لذلك، إذا قمنا بتغيير استعداداتنا لدخول الهيكل، فسوف نغير تجربتنا في الهيكل، الأمر الذي سيغير حياتنا خارج الهيكل. ”بعدئذٍ تتقوّى ثقتك بحضرة الله؛ وتقطر مبادئ الكهنوت على روحك كقطر الندى من السماء“.

يشير أحد الأساقفة الذين أعرفهم إلى أقدم فصل في الابتدائية ليس باعتباره فصلًا ”للابتدائية“ بل باعتباره فصل ”الاستعداد للهيكل“. في شهر كانون الثاني/ يناير، يدعو الأسقف أعضاء الفصل ومعلميهم إلى مكتبه حيث يتحدثون عن كيفية قضاء العام بأكمله في الاستعداد لدخول الهيكل. يخصص الأسقف وقتًا لاستعراض أسئلة مقابلة الحصول على توصية بدخول الهيكل، والتي يتم تضمينها بعد ذلك في دروس الابتدائية لديهم. وهو يدعو الأطفال إلى الاستعداد بحيث عندما يأتون إلى مكتب الأسقفية في العام التالي، يكونون واثقين ويمتلكون ثقة العهد ومستعدين لاستلام توصية بدخول الهيكل والدخول إلى بيت الرب. كان لدى الأسقف هذا العام أربع فتيات صغيرات كن متحمسات للغاية وواثقات ومستعدات للذهاب إلى الهيكل لدرجة أنهن أردن من الأسقف أن يطبع توصياتهن في يوم رأس السنة الجديدة في الساعة ١٢:٠١ صباحًا.

الاستعداد لا يقتصر فقط على الذين يذهبون إلى الهيكل لأول مرة. يجب علينا جميعًا أن نستعد دائمًا للذهاب إلى بيت الرب. أحد الأوتاد التي أعرفه تبنى شعار ”مرتكز على المنزل، ومدعوم من الكنيسة، ومرتبط بالهيكل“. مرتبط بالانجليزية (باوند) كلمة مثيرة للاهتمام لأنها تعني التركيز على اتجاه، ولكنها تعني أيضًا الثبات أو التأمين والحل والتصميم والتأكيد. لذا فإن ارتباطنا بالهيكل يثبتنا مع المخلص، ويمنحنا التوجيه الصحيح والثبات بينما يضمن لنا ثقة العهد من خلال يسوع المسيح. لذلك، يجب علينا جميعًا أن نعمل بقصد تعزيز هذا الارتباط من خلال تحديد موعدنا التالي مع الرب في بيته المقدس، سواء كان الهيكل قريبًا أو بعيدًا.

وقد ذكرنا نبينا العزيز الرئيس راسل م. نلسن بهذه المبادئ الحيوية بقوله: ”إن الهيكل هو مركز تقوية إيماننا وثباتنا الروحي لأن المخلص وعقيدته هما قلب الهيكل. كل شيء يُعلَّم في الهيكل، من خلال التعليم والروح، يزيد من فهمنا ليسوع المسيح. مراسيمه الأساسية تربطنا به من خلال عهود الكهنوت المقدس. وعندما نحافظ على عهودنا، فإنه يمنحنا قوته الشافية المعززة. وآه، كم سنحتاج إلى قوته في الأيام القادمة“.

يريد المخلص أن نصبح مستعدين لنفهم، بوضوح كبير، كيف نتصرف بالضبط عندما نقطع عهودًا مع أبينا السماوي باسمه. فهو يريدنا أن نكون مستعدين لعيش امتيازاتنا ووعودنا ومسؤولياتنا؛ لنكون مستعدين للحصول على الرؤى الروحية والتيقظ التي نحتاجها في هذه الحياة. أعلم أنه عندما يرى الرب شرارة الرغبة أو وميض الجهد الصالح في استعدادنا لتركيز حياتنا عليه، وعلى المراسيم والعهود التي نقيمها في بيته فإنه سيباركنا بطريقته الكاملة بالمعجزات والمراحم التي نحتاجها.

بيت الرب هو المكان الذي يمكننا أن نتحول فيه إلى طرق أسمى وأقدس. لذلك، عندما نخرج من الهيكل، وقد تغيرنا بسبب رجائنا في وعود العهود، مسلحين بقوة من الأعالي، نأخذ الهيكل معنا إلى بيوتنا وحياتنا. وأؤكد لكم أن وجود روح بيت الرب فينا يغيرنا تمامًا.

نحن نعلم من الهيكل أنه إذا أردنا أن يكون روح الرب غير مقيد في حياتنا، فلا يمكننا ببساطة، ولا يجب أن يكون لدينا، مشاعر سلبية تجاه أي شخص. إن إعطاء مكان في قلوبنا أو عقولنا للمشاعر أو الأفكار غير اللطيفة سوف ينتج عنه كلمات وأفعال غير لطيفة، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي أو في منازلنا، مما يتسبب في انسحاب روح الرب من قلوبنا. لذلك، من فضلكم لا تطرحوا ثقتكم بنفسكم، بل دعوا ثقتكم تتقوى.

سوف يستمر بناء الهياكل الجاري والمتسارع في إثارتنا وإلهامنا ومباركتنا. والأهم من ذلك، عندما نغير استعدادنا لدخول الهيكل، فإننا سوف نغير تجربتنا في الهيكل، الأمر الذي سيغير حياتنا خارج الهيكل. ليملأنا هذا التحول بالثقة في عهودنا المقدسة التي قطعناها مع الله من خلال يسوع المسيح. الله حي، ويسوع هو مخلصنا، وهذه هي كنيسته المستعادة على الأرض. إنني أعلن هذه الحقائق بكل خشوع بالاسم المقدس لمخلصنا يسوع المسيح، آمين.