المؤتمر العام
تجسير الوصيتين العظيمتين
المؤتمر العام لشهر نيسان/ أبريل ٢٠٢٤


14:14

تجسير الوصيتين العظيمتين

وبالمثل، فإن قدرتنا على اتباع يسوع المسيح تعتمد على قوتنا وقدرتنا على عيش الوصيتين الأولى والثانية بتوازن وتكريس متساوٍ لكليهما.

مقدّمة

عندما نسافر أنا وليسا في مهمة حول العالم، فإننا نتمتع بامتياز الاجتماع بكم في تجمعات كبيرة وصغيرة. إن إخلاصكم لعمل الرب يشجعنا ويقف كشهادة لإنجيل يسوع المسيح. نعود إلى المنزل من كل رحلة ونتساءل عما إذا كنا قد قدمنا لكم كما تلقينا.

جسر قوس قزح.
جسر تسينغ ما.
جسر البرج.

عند السفر، هناك القليل من الوقت لمشاهدة معالم المدينة. ومع ذلك، عندما يكون ذلك ممكنًا، أقضي بضع لحظات في شغف معين. لدي اهتمام بالهندسة المعمارية والتصميم وسحر خاص بالجسور. إن الجسور المعلقة تذهلني، سواء كان ذلك جسر الرينبو في طوكيو، أو جسر تسينغما في هونغ كونغ، أو جسر البرج في لندن، أو غيرها من المباني التي رأيتها، فإنني أتعجب من العبقرية الهندسية التي بنيت داخل هذه الأبنية المعقدة. تأخذنا الجسور إلى أماكن لا يمكن أن نذهب إليها بطريقة أخرى. (قبل أن أواصل، أشير إلى أنه منذ أن تم إعداد هذه الرسالة، وقع حادث جسر مأساوي في بالتيمور. إننا نحزن على الخسائر في الأرواح ونقدم تعازينا للعائلات المتضررة.)

جسر معلق رائع

​مؤخرًا، أخذتني مهمة مؤتمر إلى كاليفورنيا، حيث عبرت مرة أخرى جسر البوابة الذهبية الشهير، والذي يعتبر أحد عجائب الهندسة في العالم. يجمع هذا المنشأ الضخم بين الشكل الجميل والغرض الوظيفي والهندسة المتقنة. إنه جسر معلق كلاسيكي بأبراج خلفية مدعومة بأرصفة ضخمة. كان الوزن الضخم المهيب الذي يحمله برجين توأمين يرتفعان فوق المحيط هما العناصر الأولى التي تم بناؤها. يتحملان معًا حمولة كابلات التعليق الرئيسة والكابلات المعلقة العمودية، التي تحتضن الطريق بالأسفل. إن قدرة التثبيت غير العادية—قوة البرج—هي السحر الكامن وراء هندسة الجسر.

جسر البوابة الذهبية قيد الإنشاء.

منطقة جسر البوابة الذهبية

وتشهد صور البناء الأولية للجسر على هذا المبدأ الهندسي. ويجد كل عنصر من عناصر الجسر دعمًا حاملًا للوزن من الأبراج المتناظرة، وكلاهما متصلان ببعضهما بشكل مترابط.

جسر البوابة الذهبية قيد الإنشاء.

صور غيتي/ أرشيف أندروود

عندما يكتمل الجسر، مع برجين قويين مثبتين في مكانهما وأرصفة مثبتة في أساس من الصخر، يكون صورة للقوة والجمال.

جسر البوابة الذهبية.

أدعوكم اليوم إلى النظر إلى هذا الجسر العظيم، ببرجيه التوأمين الشاهقين المبنيين على أساس قوي، من خلال عدسة الإنجيل.

في نهاية خدمة يسوع المسيح، خلال ما نسميه الآن الأسبوع المقدس سأل فريسي كان محاميا المخلص سؤالاً كان يعلم أنه سيكون من المستحيل تقريبًا الإجابة عليه: ”يَا مُعَلِّمُ، مَا هِيَ الْوَصِيَّةُ الْعُظْمَى فِي الشَّرِيعَةِ؟“ حاول المحامي ”أَنْ يَسْتَدْرِجَهُ“ وسعى للحصول على إجابة قانونية، بنية مخادعة على ما يبدو، وقد تلقى استجابة إلهية حقيقية ومقدسة.

”فقال له يسوع: أَحِبّ الرَّبَّ إِلهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَكُلِّ نَفْسِكَ وَكُلِّ فِكْرِكَ.

”هَذِهِ هِيَ ٱلْوَصِيَّةُ ٱلْأُولَى وَٱلْعُظْمَى“. وهذا يعيدنا إلى تشبيه الجسر، البرج الأول!

”والثانية مثلها، أن تحبوا قريبكم (جاركم) كما تُحبون أنفسكم“. هذا هو البرج الثاني!

”بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ تَتَعَلَّقُ الشَّرِيعَةُ وَكُتُبُ الأَنْبِيَاءِ“. العناصر المتبقية من الجسر!

دعونا نفحص كلاً من الوصيتين العظيمتين، اللتين كُشف عنهما وذكرتا في جواب يسوع المسيح. وبينما نقوم بذلك، دعوا صورة الجسر المعلق الرائع، بأبراجه العظيمة التي ترتفع نحو السماء، ترنوا في عقولكم.

أحبوا الرب

الأولى، أن تحب الرب من كل قلبك ونفسك وعقلك.

في هذه الإجابة، يلخص يسوع المسيح جوهر الشريعة المتجسدة في تعاليم العهد القديم المقدسة. إن محبة الرب تتمحور أولاً في قلبك—أي طبيعتك ذاتها. يطلب الرب منك أن تحب بكل روحك—كيانك المكرس بأكمله—وأخيرًا، أن تحب بكل عقلك—ذهنك وذكائك. محبة الله ليست محدودة أو متناهية. إنها لا نهائية وأبدية.

بالنسبة لي، قد يبدو تطبيق الوصية العظيمة الأولى في بعض الأحيان مجردًا، بل وحتى مخيفًا. وبكل امتنان، عندما أفكر في المزيد من كلمات يسوع، تصبح هذه الوصية أكثر قابلية للفهم: ”إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاعْمَلُوا بِوَصَايَايَ“. يمكنني القيام بذلك. أستطيع أن أحب الآب السماوي ويسوع المسيح، الأمر الذي يؤدي بعد ذلك إلى الصلاة، ودراسة النصوص المقدسة، والعبادة في الهيكل. إننا نحب الآب والابن من خلال دفع العشور وحفظ يوم الرب مقدسًا وعيش حياة فاضلة وعفيفة وأن نكون مطيعين.

غالبًا ما تُقاس محبة الرب بالأفعال اليومية الصغيرة، وبخطوات على طريق العهد: بالنسبة للشبيبة، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للبناء بدلاً من الهدم؛ مغادرة الحفلة أو الفيلم أو النشاط الذي تُنتهك فيه المعايير؛ إظهار الخشوع نحو الأمور المقدسة.

فكروا في هذا المثال الرقيق. كان أحد الصوم عندما طرقت أنا وفانس باب منزل صغير ومتواضع. لقد اعتدنا نحن والشمامسة الآخرون في الرابطة أن نسمع الكلمات، ”ادخل من فضلك“، صاحت بحرارة بلهجة ألمانية ثقيلة بصوت عالٍ بما يكفي لسماعها من خلال الباب. كانت الأخت مولار واحدة من عدة أرامل مهاجرات في الجناح. لم تتمكن من فتح الباب بسهولة، لأنها كانت عمياء رسمياً. دخلنا إلى المنزل ذي الإضاءة الخافتة، واستقبلتنا بأسئلة لطيفة: ما أسمائكم؟ كيف حالكم؟ هل تحبون الرّبّ؟ أجبنا وشاركنا أننا جئنا لنستلم عطايا صومها. حتى بالنسبة لعمرنا الغض، كانت ظروفها الهزيلة واضحة بسهولة، وكان ردها المليء بالإيمان مؤثرًا للغاية: ”لقد وضعت عشرة سنتات على المنضدة في وقت سابق من هذا الصباح. إنني ممتنة لتقديم عطايا صومي. هل تتفضلون بوضعه في الظرف وملء إيصال عطايا صومي؟“ إن محبتها للرب كانت ترفع إيماننا في كل مرة نترك فيها منزلها.

وعد الملك بنيامين الذين يتبعون الوصية العظيمة الأولى باستلام بقوة مميزة. ” وَفَوْقَ ذٰلِكَ فَإِنَّني أَرْغَبُ في أَنْ تُفَكِّروا في حالَةِ الْبَرَكَةِ وَالسَّعادَةِ لِلَّذينَ يَحْفَظونَ وَصايا اللّٰهِ. … فَإِنَّهُمْ مُبارَكونَ في كُلِّ الْأُمورِ، الْمادِّيَّةِ وَالرّوحِيَّةِ؛ وَإِذا ثَبَتوا مُخْلِصينَ إِلى النِّهايَةِ فَإِنَّهُمْ يُقْبَلونَ في السَّماءِ … [و] يَمْكُثوا مَعَ اللّٰهِ في حالَةٍ مِنَ السَّعادَةِ الَّتي لا تَنْتَهي“..

محبة الرب تؤدي إلى السعادة الأبدية!

أحبوا قريبكم

”والثانية مثلها: تحبّ قريبك كنفسك“. هذا هو البرج الثاني.

هنا يربط يسوع نظرتنا السماوية لنحب الرب، مع نظرتنا الأرضية الخارجية لنحب إخوتنا البشر. وصية تعتمد على الأخرى. محبة الرب لا تكتمل إذا أهملنا قريبنا. يشمل هذا الحب الخارجي جميع أبناء الله بغض النظر عن الجنس أو الطبقة الاجتماعية أو العرق أو النشاط الجنسي أو الدخل أو العمر أو العرق. نبحث عن المتضررين والمكسورين والمهمشين، لأن ”الْجَميعُ عِنْدَ اللّٰهِ سَواءٌ“. إننا ”[نغيث] الضعفاء و[نرفع] الأيادي المسترخية و[نشدد] الركب الضعيفة“.

إليكم هذا المثال: تفاجأ الأخ إيفانز عندما شعر بالهمس منه إيقاف سيارته والطرق على باب مجهول لعائلة غير معروفة. عندما فتحت أم أرملة لأكثر من عشرة أطفال الباب، بدت ظروفهم الصعبة واحتياجاتهم الكبيرة واضحة له بسهولة. الأول كان بسيطًا، وهو طلاء منزلهم، والذي أعقبه سنوات عديدة من الخدمة المادية والروحية.

كتبت هذه الأم الممتنة لاحقًا عن صديقها المرسل من السماء: ”لقد أمضيت حياتك في الوصول إلى الصغار منّا. كم أود أن أسمع الأشياء التي يقولها الرب لك وهو يعرب عن تقديره للخير الذي فعلته ماليًا وروحيًا، للأشخاص الذين لن يعرفهم أحد سوى أنت وهو. أشكرك لأنك باركتنا بطرق عديدة، … بالمبشرين الذين زودتهم. … كثيرًا ما أتساءل عما إذا كان الرب قد اختارك حصريًا، أم أنك فقط الشخص الذي استجاب“.

إن محبة قريبك تتضمن الأعمال التي تتسم باللطف والخدمة الشبيهة بخدمة وأعمال المسيح. هل يمكنك أن تتخلى عن الضغائن وتسامح الأعداء وترحب بجيرانك وتخدمهم وتساعد كبار السن؟ سيتم إلهام كل منكم أثناء بناء برج المحبة لجيرانكم.

علم الرئيس رسل م. نلسن: ”تقديم المساعدة للآخرين—بذل جهد من الضّمير لرعاية الآخرين بنفس القدر أو أكثر مما نهتم بأنفسنا—هو بهجتنا. وعلى وجه الخصوص … عندما لا يكون ذلك مريحاً وعندما يخرجنا من منطقة راحتنا. عيش تلك الوصية العظيمة الثانية هو المفتاح كي تصبح تلميذاً حقيقياً ليسوع المسيح“.

الاعتماد المتبادل

”بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ تَتَعَلَّقُ الشَّرِيعَةُ وَكُتُبُ الأَنْبِيَاءِ“. إن هذا التعليم إرشادي للغاية. هناك ترابط مهم بين محبة الرب ومحبة بعضنا البعض. لكي يؤدي جسر البوابة الذهبية وظيفته المصمم لأجلها، يجب أن يكون كلا البرجين متساويين في القوة ويتحملان وزن الكابلات المعلقة والطريق وحركة المرور التي تعبر الجسر. وبدون هذا التناظر الهندسي، يمكن أن يتعرض الجسر للخطر، بل قد يؤدي إلى الانهيار. لكي يقوم أي جسر معلق بالهدف الذي بُنيَ من أجله، يجب أن تعمل أبراجه معًا في تناغم تام. وبالمثل، فإن قدرتنا على اتباع يسوع المسيح تعتمد على قوتنا وقدرتنا على عيش الوصيتين الأولى والثانية بتوازن وتكريس متساوٍ لكليهما.

جسر البوابة الذهبية.

ومع ذلك، فإن النزاع المتزايد في العالم يشير إلى أننا في بعض الأحيان نفشل في رؤية ذلك أو تذكره. يركز البعض بشدة على حفظ الوصايا لدرجة أنهم يظهرون القليل من التسامح مع الذين يعتبرونهم أقل برًا. يجد البعض صعوبة في محبة الذين يختارون أن يعيشوا حياتهم خارج العهد أو حتى بعيدًا عن أي مشاركة دينية.

وبدلاً من ذلك، هناك الذين يؤكدون على أهمية محبة الآخرين دون الاعتراف بأننا جميعًا مسؤولون أمام الله. يرفض البعض تمامًا فكرة وجود ما يسمى الحقيقة المطلقة أو الصواب والخطأ وأن الشيء الوحيد المطلوب منا هو التسامح الكامل وقبول اختيارات الآخرين. يمكن لأي من هذه الاختلالات أن تتسبب في انقلاب جسرك الروحي أو حتى سقوطه.

وقد وصف الرئيس دالين هـ. أوكس ذلك عندما قال: ”أوصينا بأن نحب الجميع، حيث أن مثل يسوع عن السامري الصالح يعلمنا بأن الجميع هم جيراننا. لكن حماسنا لحفظ الوصية الثانية لا يجب أن يؤدي بنا إلى نسيان الأولى، أن نحب الله بكل قلوبنا، ونفوسنا، وعقولنا“.

خاتمة

لذا فإن السؤال المطروح على كل منا هو، كيف نبني جسر الإيمان والتفاني الخاص بنا—كيف نقيم أبراجًا عالية لمحبة الله ومحبة جيراننا؟ حسنًا، لقد بدأنا للتو. قد تبدو جهودنا الأولية وكأنها خطة على ظهر منديل أو مخطط أولي للجسر الذي نأمل في بنائه. قد يتكون الأمر من بضعة أهداف واقعية لفهم إنجيل الرب أكثر أو التعهد بتقليل الحكم على الآخرين. لا أحد صغير جدًا أو كبير جدًا ليبدأ.

رسم تصميم الجسر.

مع مرور الوقت، وبالتخطيط المدروس بروح الصلاة، يتم تنقية الأفكار الفظة. الإجراءات الجديدة تصبح عادات. تصبح المسودات الأولية مخططات مصقولة. نبني جسرنا الروحي الشخصي بقلوب وعقول مكرسة للآب السماوي وابنه الوحيد وكذلك لإخوتنا وأخواتنا الذين نعمل ونلعب ونعيش معهم.

في الأيام المقبلة، عندما تمر فوق جسر معلق مهيب أو حتى عندما ترى صورة له بأبراجه الشاهقة، أدعوك إلى تذكر الوصيتين العظيمتين، اللتين وصفهما يسوع المسيح في العهد الجديد. أصلي كي تلهمنا تعليمات الرب، وكي تسمو قلوبنا وعقولنا إلى الأعلى لنحب الرب، ونتجه نحو الخارج لنحب قريبنا.

وأصلي كي يقوي هذا إيماننا بيسوع المسيح وكفارته التي أشهد عنها، باسم يسوع المسيح، آمين.

ملاحظات

  1. ”في العهد الجديد، كان [المصطلح المحامي (أحد علماء الشريعة) ] يعادل الكاتب، وهو الشخص الذي كان من حيث المهنة طالبًا ومعلمًا للشريعة بما في ذلك الشريعة المكتوبة لأسفار موسى الخمسة، و وأيضًا ”تقاليد الشيوخ“ (متى ٢٢‏:٣٥؛ مرقس ١٢‏:٢٨؛ لوقا ١٠‏:٢٥)“ (Bible Dictionary, “Lawyer“).

  2. قديمًا، أحصى العلماء اليهود ٦١٣ وصية في التوراة وناقشوا بفعالية الأهمية النسبية لواحدة مقابل الأخرى. وربما قصد الناموسي (أحد علماء الشريعة) أن يستخدم جواب يسوع ضده. إذا قال أن إحدى الوصايا هي الأكثر أهمية، فقد يفتح ذلك المجال لاتهام يسوع بتجاهل جانب آخر من الشريعة. لكن إجابة المخلص أسكتت الذين أتوا للإيقاع به ببيان تأسيسي، وهو اليوم، حجر الأساس لكل ما نقوم به في الكنيسة.

  3. متى ٢٢‏:٣٦–٤٠.

  4. راجع المبادئ والعهود ٨٨‏:١٥.

  5. يوحنا ١٤‏:١٥.

  6. تم تغيير كلا الاسمين في هذه القصة لحماية الخصوصية.

  7. موسيا ٢‏:٤١.

  8. متى ٢٢‏:٣٩.

  9. ٢ نافي ٢٦‏:٣٣.

  10. المبادئ والعهود ٨١‏:٥.

  11. تم تغيير الاسم لحماية الخصوصية.

  12. رسل م. نلسن، ”الوصية العظمى الثانية“، لياحونا، تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١٩، ١٠٠.

  13. متى ٢٢‏:٤٠.

  14. دالين هـ. أوكس، ”وصيتان عظيمتان“، لياحونا، تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١٩، ٧٣–٧٤.