المؤتمر العام
الحلقة الفاضلة القوية لعقيدة المسيح
المؤتمر العام لشهر نيسان/ أبريل ٢٠٢٤


الحلقة الفاضلة القوية لعقيدة المسيح

أدعوكم كي تعيشوا حسب عقيدة المسيح مرارًا وتكرارًا وتساعدوا الآخرين في طريقهم نحو ذلك.

قبل عدة سنين انضممنا أنا وزوجتي روث؛ وابنتنا آشلي؛ إلى سائحين آخرين في رحلة بالقوارب في ولاية أوهايو في الولايات المتحدة. القارب الذي استخدمناه كان عبارة عن قارب منخفض قريب من الماء يشبه الزورق يجلس فيه المجدف متجهًا إلى الأمام ويستخدم مجدافًا مزدوج الشفرات ليُجدّف من الأمام إلى الخلف من جانب واحد ثم من الجانب الآخر. كانت خطتنا أن نجدف باتجاه جزيرتين صغيرتين قريبتين من شواطئ أواهو ثم نعود. كنت واثقًا من نفسي لأنني مارست في شبابي تجديف القوارب عبر البحيرات الجبلية. الغطرسة لا تبشر بالخير أبدًا، أليس كذلك؟

أعطانا مرشدنا تعليمات وأرانا القوارب البحرية التي سنستخدمها. كانت تختلف عن تلك التي قمت بالتجديف بها سابقًا. كان علي أن أجلس فوق القارب بدلاً من داخله. عندما صعدت إلى القارب، كان مركز ثقلي أعلى مما اعتدت عليه، وكنت أقل استقرارًا في الماء.

عندما بدأنا جدفت بشكل أسرع من روث وآشلي. وبعد فترة كنت أسبقهم بمسافة طويلة. رغم أنني كنت فخوراً بوتيرتي البطولية، توقفت عن التجديف وانتظرت أن تلحقا بي. اصطدمت موجة كبيرة—ارتفاعها ١٣ سم—بطرف قاربي وقلبتني في الماء. وريثما قمت بقلب القارب وعانيت من أجل العودة إلى فوقه، كانت روث وآشلي قد تجاوزتاني، لكنني كنت مرهقًا جدًا ولم أتمكن من استئناف التجديف. وقبل أن أسترد أنفاسي، ضربت قاربي موجة أخرى، وهذه كانت هائلة حقًا—على الأقل ٢٠ سم—فقلبتني مرة ثانية. وبعد أن تمكنت من تصحيح وضع القارب، كنت ألهث بشدة لدرجة أنني خشيت من ألا أتمكن من الصعود فوقه.

عندما رأى المرشد وضعي، جدّف باتجاهي وقام بتثبيت قاربي بحيث أصبح صعودي عليه أسهل. وعندما لاحظ بأنني لا زلت ألهث ولا أستطيع التجديف وحدي، ربط حبلاً بقاربي وبدأ يجدف، وهو يسحبني معه. وبعد فترة قصيرة استعدت قوتي وبدأت أجدف بشكل كاف لوحدي، ففك الحبل ووصلت إلى الجزيرة الأولى بدون مساعدة إضافية. وعندما وصلت، إنهرت على الرمل، مرهقًا.

بعد أن ارتاحت المجموعة قال المرشد لي بصوت منخفض: ”يا سيد رنلند، إن استمريت في التجديف وحافظت على زخمك ستكون بخير“. تبعت مشورته عندما جدفنا إلى الجزيرة الثانية ومن ثم إلى نقطة البداية. قام المرشد بالتجديف بجانبي مرتين وإخباري أنني أقوم بعمل رائع. ضربت موجات أكبر جانب قاربي، لكنها لم تقلبني.

بقيامي بالتجديف بشكل متواصل في القارب، حافظت على زخمي وتقدمي مما خفف تأثير الأمواج التي ضربتني من الجانب. نفس المبدأ صحيح في حياتنا الروحية. نصبح ضعفاء عندما نخفف من سرعتنا وبالأخص عندما نتوقف. إن حافظنا على زخمنا الروحي عن طريق ”التجديف“ باستمرار نحو المخلص، فإننا سنكون في أمان أكبر لأن حياتنا الأبدية تعتمد على إيماننا به.

يُخلَق الزخم الروحي ”على مدى العمر لأننا نعتنق عقيدة المسيح بشكل متكرر“. فعل هذا يخلق، كما علم الرئيس رسل م. نلسن، ”حلقة قوية فاضلة“. بالطبع فإن عناصر عقيدة المسيح—مثل الإيمان بالرب يسوع المسيح والتوبة والدخول في علاقة عهد مع الرب عن طريق المعمودية واستلام هبة الروح القدس والصبر حتى النهاية—لا يجب اختبارها مرة واحدة ومن ثم حذفها من القائمة. بالتحديد، فإن ”الصبر حتى النهاية“ ليس في الواقع خطوة منفصلة في عقيدة المسيح—كما لو أننا نكمل الخطوات الأربع الأولى ثم نتسكع ونصر على أسناننا وننتظر حتى نموت. لا، الصبر حتى النهاية هو قيامنا باختبار وتطبيق العناصر الأخرى من عقيدة المسيح بشكل متكرر، بحيث نقوم بخلق ”الحلقة الفاضلة القوية“ التي وصفها الرئيس نلسن.

تكرارًا يعني أننا نختبر عناصر عقيدة المسيح المرة تلو الأخرى في حياتنا. مرارًا يعني أننا نبني فوق كل محاولة ونتحسّن مع كل تكرار. رغم أننا نكرر العناصر، فإننا لا ندور في دوائر بدون مسار يدفعنا إلى الأمام. بدلاً من ذلك، إننا نتقرب من يسوع المسيح كل مرة عبر تلك الحلقة.

الزخم يتطلب السرعة والتوجه. إذا قمتُ بتجديف القارب بشدة تجاه الاتجاه الخاطيء، قد أصنع زخمًا مؤثرًا، لكنني لن أصل إلى الهدف الذي أريد الوصول إليه. وبالمثل، فإن علينا في حياتنا أن ”نجدف“ نحو المخلص لكي نُقبل إليه.

علينا تغذية إيماننا بيسوع المسيح كل يوم. تتم تغذيته عندما نصلي يوميًا وندرس النصوص المقدسة ونفكر بجودة الله كل يوم ونتبع إلهام الروح القدس كل يوم. كما أنه ليس من الصحي أن نؤجل تناولنا لغذائنا حتى يوم الأحد ومن ثم نقوم بالإسراف في تناول مخصصاتنا الأسبوعية من التغذية، كذلك فهو ليس من الصحي روحيًا أن نحصر سلوكنا المغذي للشهادة في يوم واحد في الأسبوع.

عندما نتحمل مسؤولية شهاداتنا الخاصة، نستلم الزخم الروحي ونطور إيمانًا راسخًا بيسوع المسيح وتصبح عقيدة المسيح أساسية لهدف الحياة. وبالمثل يتزايد الزخم كذلك بينما نسعى جاهدين لطاعة شرائع الله والتوبة. التوبة تجلب البهجة وتسمح لنا أن نتعلم من أخطائنا، وهذه هي الطريقة التي تمكننا من التقدم أبدياً. ليس هناك شك بأننا سنواجه أوقاتًا نقلب فيها قواربنا ونجد أنفسنا في المياه العميقة. من خلال التوبة، نستطيع أن نعود ونصعد إلى القارب ونستمر، مهما كان عدد المرات التي سقطنا فيها. المهم هو ألا نفقد الأمل.

العنصر التالي لعقيدة المسيح هو المعمودية والتي تتضمن معمودية الماء وعن طريق التثبيت معمودية الروح القدس. المعمودية هي حدث يحصل لمرة واحدة، ولكننا نجدد عهود معموديتنا باستمرار عندما نتناول القربان. القربان لا يمكن أن يحل محل المعمودية، لكنه يربط عناصر عقيدة المسيح الأساسية—الايمان والتوبة—مع استلام الروح القدس. عندما نتناول القربان بتفكر، ندعو الروح القدس كي يدخل إلى حياتنا، تمامًا كما يحصل عندما نتعمد ويتم تثبيتنا. عندما نحفظ العهد التي يتم وصفه في صلوات القربان، سيصبح الروح القدس رفيقنا.

وعندما يكون للروح القدس تأثيرًا أكبر في حياتنا، فإننا نطور سمات تشبه سمات المسيح بشكل تدريجي ومتكرر. ستتغير قلوبنا. ستتضاءل رغبتنا في فعل الشر. وستزداد رغبتنا في فعل الخير، حتى يكون ”فعل الخير باستمرار“ هو كل ما نريد. وسيمكننا الوصول إلى القوة السماوية التي نحتاجها لكي نصبر إلى المنتهى. لقد نمى إيماننا وأصبحنا جاهزين لكي نُعيد الحلقة الفاضلة القوية من جديد.

قوة الدفع تدفعنا أيضا لعمل عهود إضافية مع الله في بيت الرب. تقربنا العهود المتعددة من المسيح وتربطنا به بشكل أقوى. ومن خلال تلك العهود نستطيع الوصول إلى قوته بشكل أكبر. لنكن واضحين، عهود المعمودية والهيكل ليست هي مصدر القوة. مصدر القوة هو الرب يسوع المسيح وأبانا السماوي. عقد وحفظ العهود يخلق وسيلة لدخول قوتهم إلى حياتنا. وعندما نعيش وفقًا لتلك العهود، فإننا نصبح ورثة لكل ما يملكه الآب السماوي. الزخم الصادر من العيش وفقًا لعقيدة المسيح لا يقوم بدعم تحويل طبيعتنا الإلهية إلى مصيرنا الأزلي فحسب، ولكنه يحفزنا كي نساعد الآخرين بطرق مناسبة.

فكروا بكيفية مساعدة المرشد لي عندما قلبت قاربي. لم يصرخ عن بُعد بسؤال غير مفيد مثل، ”سيد رنلند، ما الذي تفعله في الماء؟“ ولم يجدّف بجانبي ويوبخني قائلاً: ”سيد رنلند، لو كنت بصحة جسدية أفضل لن تكون في هذا الوضع الآن“. ولم يبدأ بسحب قاربي وأنا أحاول الصعود عليه. لم يحاول تصليحي أمام المجموعة. لكنه قدم لي المساعدة التي احتجت إليها في وقت حاجتي إليها. أعطاني المشورة عندما كنت في وضع أستطيع فيه تقبّلها. وثم بذل قصارى جهده لتشجيعي.

عندما نخدم الآخرين، لا يجب علينا أن نسأل أسئلة غير مفيدة أو نُدلي بما هو واضح. إن الذين يعانون يعرفون بأنهم يعانون. علينا أن لا نُدينهم؛ إدانتنا لهم لن تساعدهم كما أنها لن تكون مرحبًا بها، وهي غالبًا ما تكون مبنيّة على معلومات خاطئة.

مقارنة أنفسنا مع الآخرين قد يقودنا إلى اقتراف الأخطاء المؤذية، خاصة إن استنتجنا أننا أكثر برًّا من هؤلاء الذين يعانون. تلك المقارنة تشبه الغرق في ثلاثة أمتار من الماء، بينما تشاهد أحد معارفك يغرق في أربعة أمتار من الماء، وتقوم بإدانته بأن خطيئته أكبر وتشعر شعوراً جيدًا تجاه ذاتك. فكلنا نعاني بطريقتنا الخاصة. لا يكسب أي منا الخلاص بمجهوده. لن نتمكن من ذلك أبدًا. علمنا يعقوب، في كتاب مورمون: ”تذكروا أنكم لا تخلصون إلا بنعمة الله وفيها“. جميعنا نحتاج كفارة المخلص اللا نهائية، وليس جزء منها فقط.

نحتاج جميعًا لعطفنا وتعاطفنا وحبنا عندما نتعامل مع من حولنا. الذين يعانون ”بحاجة إلى أن يشعروا بمحبة يسوع المسيح النقية منعكسة في [كلماتنا] و[أفعالنا].“ عندم نخدم فإننا نشجع الآخرين مرارًا ونعرض عليهم المساعدة. حتى لو لم يتقبّل أحدهم مساعدتنا فإننا نستمر في خدمتهم عندما يسمحون بذلك. علم المخلّص: ”لِمِثْلِ هؤُلاءِ يَجِبُ أَنْ تُوَاصِلُوا الْخِدْمَةَ؛ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ رُبَّمَا يَرْجِعُونَ وَيَتُوبُونَ وَيَأْتُونَ إِلَيَّ بِقَلْبٍ خَالِصٍ وَأَنَا أَشْفِيهِمْ؛ أَمَّا أَنْتُمْ فَتُهَيِّئُوا الْخَلاصَ لَهُمْ“. عمل المخلص هو أن يُشفي. عملنا نحن هو أن نُحب—نحب ونخدم بطريقة تجلب الآخرين إلى يسوع المسيح. هذه إحدى ثمار الدائرة القوية البارة لعقيدة المسيح.

أدعوكم كي تعيشوا حسب عقيدة المسيح مرارًا وتكرارًا وتساعدوا الآخرين في طريقهم نحو ذلك. أشهد بأن عقيدة المسيح أساسية لخطة الآب السماوي؛ فهي، في النهاية، عقيدته. عندما نمارس الإيمان بيسوع المسيح وكفارته، سيتم دفعنا عبر درب العهد وتحفيزنا لكي نساعد الآخرين كي يصبحوا تلاميذ أكثر إخلاصًا ليسوع المسيح. نستطيع أن نصبح ورثة لملكوت الآب السماوي، والذي هو ذروة العيش بإخلاص وفقًا لعقيدة المسيح. باسم يسوع المسيح، آمين.

طباعة