المؤتمر العام
يده جاهزة لمساعدتنا
المؤتمر العام لشهر تشرين الأول/ أكتوبر ٢٠٢٤


يده جاهزة لمساعدتنا

عندما نتوجه إلى يسوع المسيح بالإيمان، فإنه سيكون هناك دائمًا.

عندما كنت طفلاً، ذهبت العائلة بأكملها في إجازة إلى الشاطئ على ساحل بلدي الأم، تشيلي. كنت متحمسًا لقضاء بعض الأيام والاستمتاع بالصيف مع عائلتي. وكنت سعيدًا أيضًا لأنني اعتقدت أنني سأتمكن أخيرًا من الانضمام إلى أخوتي الأكبر سناً والقيام بما يفعلونه عادةً من أجل المتعة فوق الماء.

ذات يوم ذهب إخوتي للعب حيث كانت الأمواج تتكسر، وشعرت بأنني كبير وناضج بما يكفي لأتبعهم. وعندما اتجهت نحو تلك المنطقة، أدركت أن الأمواج كانت أكبر مما بدت عليه من الشاطئ. وفجأة، اقتربت مني موجة بسرعة، وأخذتني على حين غرة. شعرت وكأن قوة الطبيعة سيطرت عليّ، وسحبتني إلى أعماق البحر. لم أتمكن من رؤية أو الشعور بأي نقطة مرجعية بينما كانت تتقاذفني الأمواج. عندما كنت أفكر أن مغامرتي على الأرض قد اقتربت من نهايتها، شعرت بيد تسحبني نحو السطح. وأخيرا، تمكنت من رؤية الشمس وإلتقاط أنفاسي.

لقد رأى أخي كلاوديو محاولتي للتصرف كشخص بالغ وجاء لإنقاذي. لم أكن بعيدًا عن الشاطئ. على الرغم من أن المياه كانت ضحلة، إلا أنني كنت مشوشًا ولم أكن أدرك أنني كان بإمكاني مساعدة نفسي. أخبرني كلاوديو أنه يجب أن أكون حذرًا وإذا أردت، فيمكنه أن يعلمّني. وعلى الرغم من غالونات الماء التي ابتلعتها، إلا أن كبريائي ورغبتي في أن أصبح فتىً كبيرًا كانت أقوى، وقلت: ”بالتأكيد“.

أخبرني كلاوديو أنني بحاجة إلى مهاجمة الأمواج. قلت لنفسي أنني بالتأكيد سأخسر تلك المعركة ضد ما يبدو وكأنه جدار ضخم من الماء.

وعندما اقتربت موجة كبيرة جديدة، قال كلاوديو بسرعة: ”انظر إليّ؛ هذه هي الطريقة التي تفعل بها ذلك“. ركض كلاوديو نحو الموجة القادمة وغاص فيها قبل أن تنكسر. لقد كنت معجبًا جدًا بغوصه لدرجة أنني لم أرَ الموجة القادمة التالية. وهكذا، مرة أخرى، دُفعت إلى أعماق البحر وتقاذفتني قوى الطبيعة. وبعد ثوانٍ قليلة، أمسكت يد بيدي، ورفعتني مرة أخرى نحو السطح والهواء. لقد انطفأت شعلة كبريائي.

هذه المرة، دعاني أخي للغوص معه. بناء على دعوته، اتبعته وغصنا معًا. لقد شعرت وكأنني أتغلب على التحدي الأكثر تعقيدًا. بالتأكيد لم يكن الأمر سهلاً للغاية، ولكنني تمكنت من القيام بذلك بفضل المساعدة والمثال الذي قدمه لي أخي. لقد أنقذتني يده مرتين، وأظهر لي مثاله كيفية التعامل مع التحدي الذي واجهته، وتحقيق النصر في ذلك اليوم.

لقد دعانا الرئيس رسل م نلسن إلى التفكير سماوياً، وأود أن أتبع نصيحته وأطبقها على قصتي الصيفية.

قوة المخلص على الخصم

إذا فكرنا سماوياً، فسوف نفهم أن حياتنا ستواجه تحديات تبدو أعظم من قدرتنا على التغلب عليها. خلال حياتنا الفانية، نكون عرضة لهجمات العدو. مثل الأمواج التي سيطرت علي في ذلك اليوم الصيفي، يمكن أن نشعر بالعجز ونرغب في الاستسلام لمصير أقوى. قد تتقاذفنا تلك الأمواج الخبيثة من جانب إلى آخر. ولكن لا تنسوا الذي له السلطة على تلك الأمواج، بل وعلى كل الأشياء. ذلك هو مخلصنا يسوع المسيح. فهو لديه القدرة على مساعدتنا للخروج من كل حالة بائسة أو وضع معاكس. بغض النظر عما إذا كنا نشعر بالقرب منه أم لا، فهو لا يزال قادرًا على الوصول إلينا حيثما نكون وكيفما نكون.

عندما نمد أيدينا إليه بإيمان، فإنه سيكون موجودًا دائمًا، ووفقاً لتوقيته سيكون مستعدًا وراغبًا في الإمساك بأيدينا ورفعنا إلى مكان آمن.

المخلص وقدوته في الخدمة الرعوية

إذا فكرنا سماوياً، فسوف ندرك أن يسوع المسيح هو قدوة مثالية لنا في الخدمة. هناك نمط لنا في النصوص المقدسة عندما يصل هو أو تلاميذه إلى شخص يحتاج إلى المساعدة أو الإنقاذ أو البركة بمدِّ أيديهم لهذا الشخص. كما في قصتي، كنت أعلم أن أخي كان هناك، لكن وجوده بجانبي لم يكن كافياً. عرف كلاوديو أنني كنت في ورطة، وذهب لمساعدتي في رفعي من الماء.

في بعض الأحيان، نظن أن كل ما نحتاجه هو أن نكون هناك من أجل شخص يحتاج إلى المساعدة، وفي كثير من الأحيان، هناك المزيد الذي يمكننا فعله. إن امتلاكنا لمنظور أبدي يمكن أن يساعدنا في تلقي الوحي لتقديم المساعدة في الوقت المناسب للآخرين المحتاجين. يمكننا الاعتماد على إرشاد وإلهام الروح القدس لنتمكن من تحديد نوع المساعدة المطلوبة، سواء كانت دعمًا مثل الدعم العاطفي، أوتقديم الطعام، أو المساعدة في المهام اليومية، أو التوجيه الروحي لمساعدة الآخرين في رحلتهم لتحضير أنفسهم للعهود المقدسة وقطعها واحترامها.

المخلص مستعد لإنقاذنا

عندما مشى بطرس الرسول الكبير على الماء ليذهب إلى يسوع … كان خائفًا، وبدأ يغرق، ثم ”صَرَخَ قَائِلًا: يَا رَبُّ، نَجِّنِي“. كان يسوع عالماً بالإيمان الذي مارسه بطرس ليأتي إليه على الماء. وكان على علم أيضًا بخوف بطرس. وبحسب النص، ”فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ فِي الْحَالِ وَأَمْسَكَهُ“ قائلاً الكلمات التالية: ”يَاقَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ؟“ ولم تكن كلماته لتوبيخ بطرس، بل لتذكيره أنه هو المسيح، وأنه كان معه ومع التلاميذ.

إذا فكرنا سماوياً فإننا سنتلقى التأكيد في قلوبنا أن يسوع المسيح هو في الواقع مخلصنا، وشفيعنا أمام الآب، وفادينا. عندما نمارس الإيمان به، فإنه سيخلصنا من حالتنا الساقطة، ويتجاوز تحدياتنا، وضعفنا، واحتياجاتنا في هذه الحياة الأرضية، ويعطينا أعظم الهبات، وهي الحياة الأبدية.

المخلص لا يتخلى عنا

لم يتخلَ أخي عني في ذلك اليوم، بل أصر على مساعدتي حتى أتعلم كيف أفعل ذلك بنفسي. لقد أصر على مساعدتي، حتى لو تطلب ذلك إنقاذي مرتين. لقد أصر حتى ولو لم أنجح في المرة الأولى. لقد أصرّ حتى تمكنت من التغلب على هذا التحدي والنجاح. إذا فكرنا سماوياً، فسوف ندرك أن مخلصنا سيكون موجودًا عندما نحتاجه لتقديم المساعدة إذا أردنا التعلم أو التغيير أو التغلب أو التأقلم أو النجاح في أي شيء من شأنه أن يجلب السعادة الحقيقية والأبدية إلى حياتنا.

يدي المخلص

تخلد النصوص المقدسة رمز يدي المخلص وأهميتهما. في أضحيته الكفارية، تم ثقب يديه بالمسامير لتثبيته على الصليب. وبعد قيامته، ظهر لتلاميذه في جسد كامل، لكن الآثار في يديه بقيت كتذكير بأضحيته اللانهائية. ستكون يده دائمًا ممدودة لنا، حتى لو لم نتمكن من رؤيتها أو الشعور بها في البداية، لأن أبانا السماوي اختاره ليكون مخلصنا، فادي البشرية جمعاء.

صورة
يد المخلص الممدودة

شفيعنا، لوحة جاي براينت وارد

صورة
يد المخلص المنقذة

يد الله، لوحة يونغ سونغ كيم

إذا فكرت سماوياً، فأنا أعلم أننا لسنا وحدنا في هذه الحياة. في حين يجب علينا مواجهة التحديات والتجارب، فإن أبونا السماوي يعرف قدراتنا ويعرف أننا قادرون على تحمل صعوباتنا أو التغلب عليها. علينا أن نقوم بواجبنا ونلجأ إليه بإيمان. ابنه الحبيب، يسوع المسيح، هو مخلصنا وسوف يكون دائمًا إلى جانبنا. باسمه، بالاسم المُقَدَّس ليسوع المسيح، آمين.

ملاحظات

  1. راجع رسل م. نلسن، ”فكروا بسماوياً!،“ لياحونا، تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٣، ١١٨.

    ”عندما تقومون باتخاذ اختيارات، فإنني أدعوكم إلى إلقاء نظرة بعيدة المدى—نظرة أبدية. ضعوا يسوع المسيح أولاً في حياتكم، لأن حياتكم الأبدية تعتمد على إيمانكم به وبكفارته. …

    عندما تواجهون معضلة ما، فكروا سماوياً! عندما تُجَربون بالإغراء، فكروا سماوياً! عندما تخذلكم الحياة أو أحبابك، فكروا سماوياً! عندما يموت شخص ما ”قبل الأوان“، فكروا سماوياً. عندما يعاني شخص ما من مرض مهلك، فكروا سماوياً. عندما تضغط عليكم الحياة، فكروا سماوياً! عندما تتعافون من حادث أو إصابة، كما أفعل حاليا، فكروا سماوياً!“

  2. راجع مرقس ٤‏:٣٥–٤١.

  3. في حين أننا نؤمن أن أبانا السماوي ويسوع المسيح لديهما القدرة على مساعدتنا عندما نحتاج إليهما، إلا أن مساعدتهما قد لا تأتي دائمًا بالطريقة التي نتوقعها. من المهم أن نثق بأنهما يعرفاننا أفضل مما نعرف أنفسنا وأنهما سيقدمان لنا الدعم والمساعدة الأفضل في الوقت المناسب: ”اعلم يا ابني أن كل هذه الأشياء ستقدم لك خبرة وستكون لمنفعتك“ (المبادئ والعهود ١٢٢‏:٧).

    إن التجارب والتحديات التي نواجهها تساعدنا على تعزيز القوة والشخصية لمقاومة الإغراء والتغلب على الإنسان الطبيعي.

  4. راجع مرقس ١‏:٣١؛ مرقس ٥‏:٤١؛ مرقس ٩‏:٢٧؛ متى ١٤‏:٣١؛ أعمال الرسل ٣‏:٧؛ ٣ نافي ١٨‏:٣٦.

  5. عندما دعانا الرئيس رسل م. نلسن إلى الخدمة بطريقة جديدة وأكثر قداسة (راجع ”الخدمة الرعوية“، لياحونا، أيار/ مايو ٢٠١٨، ١٠٠)، طلب منا أيضًا أن نفهم أن هذه الطريقة الجديدة في الخدمة لا تتعلق بي وما أريد أن أقدمه ولكن بما يحتاجه الآخرون. يمنحنا يسوع المسيح الفرصة لمحبة قريبنا (راجع لوقا ١٠‏:٢٧) بطريقة أسمى وأقدس.

  6. متى ١٤‏:٢٩–٣٠.

  7. متى ١٤‏:٣١.

  8. ولكي نفهم السعادة الحقيقية، علينا أن نفهم دور البركات في حياتنا. إن تعريف البركات يساعد على توضيح هذا المفهوم: ”البركة هي منح النعمة الإلهية لشخص ما. أي شيء يساهم في السعادة الحقيقية، أو الرفاهية، أو الرخاء هو بركة“ (Guide to the Scriptures, “Bless, Blessed, Blessing,” Gospel Library). غالبًا ما يخلط العالم بين السعادة الحقيقية والمتعة المؤقتة، والتي تحاكي ”السعادة“ التي لا تدوم طويلاً.

  9. راجع إشعياء ٤٩‏:١٦.